" في الاستدلال على جواز التقليد " قوله: استصحاب جواز تقليده في حال حياته... الخ.
ربما يتوهم أن ظنون المجتهد وادراكاته - التي هي موضوع وجوب العمل على طبقها - مما تزول بالموت، بل عن الوحيد البهبهاني - قدس سره - زوالها عند النزع، وانها نزول بالغفلة والنسيان، فكيف بالموت الذي يصير الذهن معه جمادا لا حس فيه.
وأجيب عنه وعن أمثاله بان القوة العاقلة من قوى النفس الناطقة، وقد برهن على تجردها وبقائها بعد خراب البدن، وان القوة المدركة ليست من القوى الجسمانية فضلا من أن تكون من الأجسام كما هو ظاهر كلام التوحيد - قدس سره - والتحقيق أن الجسم - بما هو جسم - كل جزء منه يغيب عن الجزء الآخر فضلا عن غيره، فلا معنى لأن ينال شيئا ويدركه، فتوهم كونه جسما سخيف جدا.
وأما كونه جسمانيا أو لا؟ فنقول:
فقد حقق في محله أن العاقلة بما هي مدركة للكليات ربما هي عقل بالفعل لا يحتاج إلى مادة جسمانية - لا في ذاته ولا في فعله - فالنفس في أول حدوثها انسان بشري طبيعي يحتاج إلى مادة جسمانية، لكنها عقل هيولاني وبالقوة، فإذا خرجت من القوة إلى الفعل ومن المادية إلى الصورية وصارت عقلا بالفعل فلا محالة هي غير مرهونة بمادة، فهي في هذه المرحلة خارجة عن عالم المواد ودار الفساد، فلذا لا خراب لها بخراب البدن.
الا أن هذا المقدار من التجرد للقوة العاقلة لا يجدي فيما نحن فيه بل لا بد من الالتزام بتجرد قوتي الخيال والوهم تجردا برزخيا مثالثا، وذلك من وجهين:
أحدهما: أن القضايا المدركة للمجتهد وإن كانت في حد ذاتها قابلة للتجريد التام بحيث تدخل في الكليات المجردة القائمة بالقوة العاقلة التي لا شبهة في تجردها عن المادة، لكن الأذهان المتعارفة تنتقل من الاحساس بالجزئيات