وما يوهم إمكانه من بقاء الحجر في مكانه - بعد وجود المقتضي لكونه في ذاك المكان.
يندفع بأن ابقاءه في مكان من قبيل العلة المعدة لكونه في ذاك المكان، حدوثا، وثقله الطبيعي موجب لبقائه في ذلك المكان إلى أن يرفعه رافع وعليه فإذا كان منشأ في وجود شئ في ثاني الحال من جهة الشك في أصل المقتضي له بقاء أو الشك في ما يتقوم به المقتضي في اقتضائه، فهو شك في المقتضي.
وإن كان منشأ الشك فيه هو الشك في وجود ماله دخل في فعليته أو في عدم ما يمنع عن فعليته، وهو مساوق لاحراز المقتضي، فلا شك في المتقضي، وإن لم يكن الشك في رافعه أيضا، لأن الشك في الأول منهما شك في ما هو شرط بوجوده في فعلية بقائه.
وأما حديث اقتضاء نفس الشئ للبقاء - في قبال ما ليس له بنفسه استعداد البقاء - فغير صحيح، لأن وجود الشئ في زمان يستحيل أن يكون مقتضيا لوجوده في زمان آخر، بل الوجود في جميع الأحوال والأزمان مستند إلى علة موجبة له.
ومنها - أن الموجودات تختلف في أن بعضها قابل للبقاء بسبب مقارن له إلى أن يزيله مزيل، أو ينعدم ما هو شرط فعلية بقائه، وبعضها غير قابل للبقاء إلا إلى أمد مخصوص، ولو لم يحدث ما يزيله، ولم ينعدم ما هو شرط فعلية بقائه.
أما الجمادات من قبيل الأحجار - فبعد وجودها بمباديها الطبيعية - يكون بقاؤها محفوظا بصلابته الطبيعية، وتماسكها الطبيعي إلى أن يبطلها ويعدمها شئ مؤثر على خلاف مقتضاها الطبيعي والشك في بقائها مستند إلى الشك في المبطل والمزيل.
والنباتات - كالأشجار - بقاؤها ببقاء القوة النامية، وهي مختلفة في الامتداد، فبزوال تلك القوة يزول النبات - بما هو نبات وان كان يبقى بما هو جماد.