المخصوص فاما ان لا يكون التكبير مستحبا أصلا في هذه الحالة، أو مستحبا مزاحما بمستحب آخر، ومع ثبوت المقتضي لاستحبابه، كما عن الإمام عليه السلام لا يكون نفيه الا بالتضاد المقتضي للتخيير عقلا.
لكنه لا يلائمه قوله عليه السلام: " بأيهما أخذت من باب التسليم كان صوابا " وإن ظاهره - كسائر أخبار التخيير بين الخبرين - كون التخيير تعبديا لمصلحة التسليم، لا عقليا لتزاحم المقتضيين.
ويمكن أن يقال ان في المورد مقتضى التخيير عقلا وتعبدا كلاهما محقق، فمن حيث الاستحباب واقعا لكل منهما مقتض مزاحم بالآخر، ومن حيث كونهما مدلولين لخبرين فيهما مصلحة التسليم لما ورد عنهم عليهم السلام المقتضية للتخيير، لتضاد الحكمين بحسب الفعلية واقعا وانما نسب التخيير إلى مصلحة التسليم لأن الفعلية التخييرية انما كانت بقيام الحجة المزاحمة بحسب مدلولها لحجة أخرى.
الا أن الذي يبعد هذا الوجه، إن الخبرين المذكورين في جوابه عليه السلام يدل أحدهما على التكبير، والآخر على عدمه، لا على استحباب (بحول الله) فليس مفروض الجواب دوران الأمر بين مستحبين متزاحمين، فتدبر جيدا.
وأما الثالثة، فالجواب عنها: أن ظاهر السؤال حيث قال (فأعلمني كيف تصنع أنت لأقتدي بك) هو طلب الواقع، لا علاج التعبد بالظاهر، وحيث كان الواقع موافقا للظاهر - من حيث كون الصلاة مستحبة في نفسها، من غير اشتراطها في وقوعها مستحبة بايقاعها على وجه الأرض، وكان ايقاعها على وجه الأرض أفضل الأفراد - فلذا أجاب بالتوسعة. فهذه توسعة واقعية لازم كون المستحب ذا مراتب، لا توسعة تعبدية بين الحجتين المتعارضتين، وليس في الجواب عنوان التسليم للخبر كي يعينه في التخيير التعبدي فافهم واستقم.
فنقول: الخبران المتكفلان لحكم العامين من وجه إما أن يكون مفادهما الحكم الاقتضائي أو الحكم الفعلي.