سواء كان الواجب من الأفعال القلبية والأعمال الجنانية، وهو عقد القلب الذي فصلنا الكلام في حقيقته ومباينة سنخه، مع سنخ اليقين في آخر مباحث الظن (1)، أو كان من الصفات النفسانية القابلة للتحصيل بمقدماتها - وهو العلم والمعرفة - واليقين بالوجوب سابقا، والشك فيه لاحقا - وإن كان مجرد الفرض - الا أن سبق اليقين بعدم الوجوب أزلا، أو في أوائل انعقاد الشريعة والشك بعده في غير الأصول الضرورية كبعض تفاصيل القبر والبرزخ والمعاد - ليس مجرد الفرض.
ولا فرق في الجري العملي على طبق اليقين أو المتيقن بين العمل الجسداني والعمل الجناني، ولا بين المباشري والتوليدي، فتسمية بعض الأعمال بالفروع، وبعضها بالأصول لا توجب فرقا في القبول للتعبد الاستصحابي والجري العملي.
وأما الثاني، فما هو قابل لدعوى اليقين به سابقا، والشك في بقائه لاحقا هي الإمامة والنبوة ليتعبد بآثارها.
فنقول: أما الإمامة، فان كانت بمعنى الرياسة المعنوية الكبرى في الدين والدنيا، المنبعثة عن كمال نفسه المقدسة التي من شؤنها الروحانية وساطتها للفيض، وكونها مجرى الفيض النازل من سماء عالم الربوبية. وعليه ينطبق كمال الانطباق قولهم عليهم السلام: (مجاري الأمور بيد العلماء بالله) (2) دون الفقيه الذي هو - بما هو فقيه - عالم بأحكام الله لا بالله، فحينئذ لاشك في زوالها لا بالموت ولا بمجئ إمام لاحق، كما سيجئ في النبي صلى الله عليه وآله.
وإن كان بمعنى الرياسة المجعولة تشريعا من الله تعالى في أمور الدنيا والدين، فهي حينئذ من المناصب المجعولة، وتزول بالموت، إذ لا معنى لاعتبارها له عليه السلام بعد موته، مع عدم امكان تصديه بعالم البشرية للتصرفات الدينية والدنيوية المتعلقة بنظم البلاد، وتكميل العباد، فإذا شك في