استعمال واحد، ولحاظ واحد: إما أن يلاحظ متعينا بالتعين اللا بشرطي القسمي، أو متعينا بالتعين بشرط شئ، وحيث انهما متقابلان لا يعقل لحاظهما في لحاظ، واحد، لا جامع بين التعينين، كما لا يعقل الاهمال في الواقع، مع كون المتكلم في مقام جعل الحكم الحقيقي جدا.
وأما انحفاظ موضوع الحكم الواقعي في موضوع الحكم الظاهري، فغير مناف لما ذكرنا، لان الطبيعة لوحظت بنحو التعين اللا بشرطي القسمي في مورد الحكم عليها، وهو الموجب لثبوت موضوعه حال الشك، لا أنها ملحوظة بهذا النحو من التعين في مورد أخذها في موضوع جعل الحكم الواقعي على موضوعه، وجعل الحكم الظاهري على موضوعه، مع أن ذات الموضوع واحد بحسب ملاحظته بكلا التعينين المتقابلين.
وأما الدلالة على الحكم الواقعي والظاهري بالتقريب الأخير، فمخذوشة بأن المشتبه - بالشبهة اللازمة لذات الموضوع - لم يرتب عليه حكم - بما هو مشتبه - وإن كان مشتبها، بل رتب عليه الحكم بما هو ماء الكبريت مثلا، فعدم الفصل بين افراد المشتبه بما هو مشتبه إنما يجدي لو ثبت الحكم للمشتبه بما هو مشتبه، لا بذاته فتدبر جيدا.
وأما ما عن بعض أجلة العصر (1) من أن الحكم الظاهري متأخر عن الحكم الواقعي في المرتبة، فكيف يعقل جعلهما في إنشاء واحد، مع أن موضوع الحكم الواقعي في طول موضوع الظاهري.
فمندفع بما مر منا مرارا: أن تقدم الموضوع على حكمه طبعي لا زماني، والمتقدم والمتأخر بالطبع ربما يكون لهما المعية في الوجود، ولذا يعقل جعل الحكم الظاهري قبل جعل الحكم الواقعي فان ما هو موضوع للحكم الظاهري هو الشك في الحكم بوجود العنواني لا بوجوده الخارجي وإن كان فعلية الحكم الظاهري بفعلية موضوعه.