من باب إقناع نفسه، فالمستصحب هو المسلم على الأول، والكتابي على الثاني.
ولا مجال للأول، فان فرض كون الخصم مسلما ينافي فرض كون ما يرويه الكتابي مسلما عنده، والا إلزام جدلا الا في المسلمات، ولو عند الخصم بالخصوص.
وعليه فلا شك في انقطاع نبوة موسى، ونسخ شريعته، ولا استصحاب الا مع اليقين، والشك من المستصحب.
وأما الثاني وهو استصحاب الكتابي لعمل نفسه.
ففيه تفصيل، وهو: أن ناسخية شريعة نبينا - صلى الله عليه وآله - لشريعة موسى عليه السلام، إن كانت باعتبار جميع أحكام شريعته نظرا إلى ما قدمنا سابقا (1) أن الحكم المجعول لا موقع له الا موقع الوحي، وهو مقام إنشائه على لسان جبرئيل عليه السلام، على قلب النبي صلى الله عليه وآله الموحى إليه، حيث لا يعقل قيام الإنشاء بداعي البعث بذاته المقدسة، وعدم معقولية الإرادة التشريعية في مقام ذاته المقدسة كما أشرنا إلى وجه مرارا.
ومن الواضح أن الحكم المجعول في شريعة نبينا - صلى الله عليه وآله - إن كان مماثلا لما في شريعة موسى عليه السلام، فهو غيره من حيث الشخص وعينه من حيث طبيعي الحكم، ولا معنى لبقاء شخص الحكم الموحى إلى موسى - عليه السلام - في شريعة نبينا - صلى الله عليه وآله - بحيث يكون نبينا - صلى الله عليه وآله - تابعا لموسى - عليه السلام - في هذا الحكم ومأمورا باتباعه.
كيف؟ ولو كان موسى - عليه السلام - حيا لما وسعه الا اتباع نبينا - صلى الله عليه وآله - فلا محالة يكون الحكم المجعول في هذه الشريعة - مماثلا أو مخالفا - حكما موحى به إلى نبينا - صلى الله عليه وآله - ويجب اتباعه، إنه (2) أوحي به