أحدهما - أن الأمر الأمر الانتزاعي مجعول بالعرض، لا مجعول بالتبع، نظير لوازم الوجود المجعولة بتبعه، فان الموجود ولوازمه مجعولان بالذات، بجعلين، لاقتضاء تعدد الوجود - بالذات - تعدد الايجاد بالذات.
ومن ذلك في التشريعيات وجوب المقدمة، فإنه مجعول بتبع وجوب ذيها، لا أنه وجوب واحد ينسب إلى ذي المقدمة بالذات، والى مقدمته بالعرض.
ومن الواضح: أن المجعول بالعرض لاجعل له بالحقيقة، فجعل انتزاعية الاحكام الوضعي في قبال مجعوليتها - كما عن المنازعين في المسألة - صحيح، وجعل الانتزاعية - كما في المتن - مساوقة للتبعية، والقول بها قولا بالجعل، كلاهما لا يخلو عن مسامحة.
ثانيهما - أن جعل الاعتبارات الشرعية من الملكية والزوجية، داخلة في الأمور الانتزاعية، وأن منشأ انتزاعها: تارة هي الأحكام التكليفية، وأخرى انشاؤها بالعقد وشبهه - أيضا - لا يخلو عن المسامحة كما سيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى في ذيل القسم الثالث.
ثم إن مجعولات الشارع على أنحاء:
منها - الموضوعات المستنبطة كالصلاة، والحج، ونحوهما، مما اشتهر أنها ماهيات مخترعة، وأنها مجعولة باعتبار الشارع.
والتحقيق - ما مر منا غيره مرة - أنه لاجعل لها الا جعلها في حيز الطلب ومورد الخارجي، قائم بفاعلها وهو المصلى، لا بأمرها وهو جعل تكويني لا تشريعي، وجعل وجودها الذهني بتصورها قائم بمن يتصورها أيا من كان.
وكون المتصور لها هو الشارع، في مقام الأمر بها - ليس جعلا تشريعيا لها، والا لكان كل موضوع يتصوره الشارع في مقام الأمر مجعولا تشريعيا فلا يعقل من جعلها التشريعي الا ثبوت الموضوع بثبوت الحكم، لما مر مرارا أن الحكم بالإضافة إلى موضوعه من قبيل عوارض الماهية، وفيها ثبوت المعروض بثبوت