بالوجود فقط لا بابقاء الوجود، ولذا لو أيقن بوجود شئ في زمان، ثم أيقن بعدمه في زمان آخر، ثم شك في الوجوب في زمان ثالث، لم يكن هذا الشك شكا في البقاء، ولا الجري العملي على طبقه إبقاء عمليا للوجوب، وأما وجه تطبيقه على ما نحن فيه، فهو أنا لو فرضنا - في مسألة الاسلام والموت، - أزمنة ثلاثة: كان الأول زمان اليقين بعدمهما معا، وكان الثاني والثالث - أحدهما زمان الاسلام، والآخر زمان الموت، فإذا كان الزمان الثاني، المتصل بزمان اليقين - زمان حدوث الموت، كان عدم الاسلام فيه - هو المشكوك - متصلا زمانه بزمان اليقين، بعدمه، وإذا كان زمان حدوث الاسلام هو الزمان الثالث، كان عدم الاسلام فيه، وهو المشكوك منفصلا زمانه عن زمان اليقين بعدمه. وهكذا كان الأمر في عدم الموت في زمان حدوث الاسلام، فإنه كذلك، فالتمسك بعموم (لا تنقض) - في كل من العدمين الخاصين - يكون تمسكا بالعام في الشبهة المصداقية.
وفيه أولا: أن المفروض في المثال انفصال زمان ذات المشكوك عن زمان المتيقن، لا انفصال زمان المشكوك - بما هو مشكوك - عن زمان المتيقن، والذي يضر بالاتصال المعتبر هنا هو الثاني دون الأول.
أما - أن المفروض ذلك، فلأن غاية ما هنا أن زمان حدوث الحادث الآخر هو الزمان الثالث من الأزمنة الثلاثة المفروضة واقعا لا بما هو مشكوك.
وأما - أنا لا يضر هذا الانفصال الواقعي فلأن الثبوت الواقعي ليس مناطا لتحقيق كلا ركني الاستصحاب، فكما ان الثبوت السابق ليس مناطا لركنه الأول، وهو اليقين، بل لابد من كونه متيقنا، وهو الثبوت في أفق اليقين المقوم له، كذلك الثبوت الواقعي ليس مناطا لركنه الثاني وهو الشك، بل الثبوت في أفق الشك، وهو الذي يتقوم به الشك في البقا -، فلا يجب أن يكون زمان حدوث الحادث الآخر متصلا واقعا بزمان اليقين به، بل يجب أن يكون زمان العدم في زمان الحادث الآخر - بما هو مشكوك - متصلا بزمان اليقين به وهو كذلك، فان الزمان الثاني المتصل بزمان اليقين يحتمل فيه بقاء العدم على حاله، وأن يكون هو زمان