يقتصرون على العلم في رفع اليد عن الظاهر، وليس لهم بناءان - عموما وخصوصا -.
وكذا ليس بناؤهم متقيدا بعدم الحجية على القرينة بعنوان الحجة، حتى يكون دليل حجية سند النص - بملاحظة كونه محققا لحجة - واردا، لا حاكما، إذ العمل على الظاهر الذي لم يقم على خلافه العلم وما هو معتبر عند العقلاء، من الخبر ونحوه، والحجية تنتزع من عملهم لا أن بناءهم متقيد بعدم الحجية بعنوانها.
وعليه، فسند النص، إن كان معتبرا عند العقلاء، فهو من افراد ما يرفع اليد به عن الظاهر حقيقة فالنص وارد.
وإن لم يكن معتبرا عندهم، فوجوده كعدمه عندهم في عدم رفع اليد عن الظاهر بسببه، فاعتباره شرعا لا يكون محققا للحجة، حتى يكون واردا ولا تنزيلا له منزلة العلم المتقيد بعدمه حجية الظاهر، حتى يكون حاكما بهذه الملاحظة بل - في الحقيقة - نهى عن اتباع هذا الظاهر تنزيلا للنص الغير المحقق منزلة المحقق، فله الحكومة بهذه العناية لا تنزيلا للأمارة منزلة العلم.
بل الحكومة بهذه الملاحظة - أيضا - مخدوشة، إذ ليس لوجود النص واقعا أثر عند العقلاء، حتى يكون تنزيل النص الظني منزلة الواقعي مجديا بل المؤثر - كما بيناه في مبحث حجية الظواهر (1)، هو النص الواصل لا بهذا العنوان، بل أنحاء الوصول عند العقلاء، والمفروض أنه ليس هذا منها.
نعم تنزيل الأمارة منزلة العلم، الذي هو أحد افراد ما يرفع اليد بسببه عن الظاهر لا بأس به، فيكون حاكما بهذه الملاحظة.
ثم إن الترديد الذي ذكره - قدس سره - في مبنى حجية الظواهر فيه، كلام قد فصلنا القول فيه في مبحث الظواهر، وقد ذكرنا هناك: أن التعويل على أصالة عدم القرينة له مقام، والتعويل على أصالة الظهور والكاشفية النوعية مقام آخر،