" تعريف اصطلاحي من الاجتهاد " قوله: ملكة يقتدر بها على استنباط الحكم... الخ.
بل المناسب لمفهومه هو استنباط الحكم من دليله، وهو لا يكون الا عن ملكة. فالمجتهد هو المستنبط عن ملكة. وهو موضوع الاحكام باعتبار انطباق عنوان الفقيه والعارف بالأحكام عليه، لا أنه من الملكات واستفادة الحكم من اثارها - كما في ملكة العدالة والشجاعة والسخاوة - كما أنه تختلف هذه القوة مع سائر الملكات بحصول تلك الملكات - أحيانا - من الافعال المسانخة لآثارها التي تكون تلك الملكات مصادرها بخلاف القوة على الاستنباط فإنها تحصل دائما بسبب معرفة العلوم التي يتوقف عليها الاستنباط، لا نفس الاستنباط فإنه يستحيل بلا قوة عليه.
ولا يخفى أنه ليست ملكة الاستنباط الا تلك القوة الحاصلة من معرفة ما ذكره، لا قوة أخرى تسمى بالقوة القدسية وأنها نور يقذفه الله في قلب من يشاء، فان الاجتهاد - بمعنى " استفراغ الوسع في تحصيل الحجة على الحكم " ممكن الحصول للعادل، والفاسق والمؤمن والمنافق، لتسببه عن اعمال القوة النظرية الحاصلة من اتقان العلوم النظرية الدخيلة في تحصيل الحجة على الحكم، من دون حاجة إلى قوة قدسية الهية أو قذف نور منه تعالى في قلب المستنبط، وإن كان كل قوة وكمال علمي أو عملي منه تعالى.
وتفاوت أرباب العلوم النظرية في جودة الاستنباط وسرعته من ناحية جودة الفهم واتقان المقدمات.
نعم تزيد هذه القوة بأعمالها في الاستنباط كما في سائر الملكات فتدبر.