قوله: وأما الكبرى فلان (ملاك) حجية قول الغير... الخ.
ان أريد أن القرب إلى الواقع لا دخل له أصلا فهو خلاف الطريقية الملحوظة فيها الأقربية إلى الواقع في امارة خاصة من بين سائر الامارات.
وإن أريد أن القرب إلى الواقع بعض الملاك وأن هناك خصوصية أخرى تعبدية فهو غير ضائر بالمقصود، لأن فتوى الأفضل وإن كانت مساوية لفتوى غيره في تلك الخصوصية التعبدية، إلا أنها أقوى من غيرها في حيثية القرب الذي هو بعض الملاك، فان الأرجح لا يجب أن يكون أقوى من غيره من جميع الجهات، بل إذا كان أرجح من جهة فهو بقول مطلق أرجح من غيره.
هذا إذا كانت تلك الخصوصية التعبدية مما يتقوم بها الملاك، وكانت جزء المقتضي.
وأما إن كانت شرطا لتأثير القرب إلى الواقع في جعل الامارة حجة فالأمر أوضح، إذ العبرة في القوة والضعف بحال المقتضي دون الشرط، كما مر في مبحث التعادل والترجيح (1).
ومنه يظهر فساد القياس بمثل البصر والكتابة - إذا اعتبرا في القاضي فإنه لا يرجح الأقوى بصرا أو الأجود خطا على غيره.
فكذا هنا، فان تمام الملاك كونه عارفا بالأحكام، فكون أحد المفتيين أعرف بالأحكام من الاخر لا يوجب الترجيح لوجود ما هو الملاك بحده في غيره من دون زيادة في الأعرف ولا نقص في العارف.
وجه الفساد أن المعرفة في الافتاء هو الملاك والمقتضي للحجية، فيؤثر قوته في رجحانه وتقديمه، بخلاف البصر والكتابة بل العدالة في القاضي فإنها شرائط والمقتضي لتعينه علمه بموازين القضاء.
مضافا إلى أن المراد بالأعلم هنا إن كان أقوى معرفة - بحيث لا تزول بتشكيك المشكك، لقوة مبني عرفانه - فالامر كما في البصر والكتابة، فان قوة البصر وجودة.