" التنبيه الثالث من الاستصحاب " قوله: كان استصحابه به بلا كلام الخ.
توضيح المقام: إن الأثر المرتب على الكلي والفرد، تارة اثر واحد وأخرى متعدد فان كان واحدا، فلا محالة هو إما اثر الكلي بما هو، أو اثر الفرد بما هو، ولا يعقل أن يكون اثرا لهما إذ لا يعقل أن تكون الخصوصية المقومة للفرد دخيلة في الأثر، وغير دخيلة فيه.
والتعبد بالشئ ليس إلا تعبدا بأثره.
فان كان هو اثر الكلي، فلا معنى إلا للتعبد بالكلي، وان كان هو اثر الفرد بما هو، فلا معنى إلا للتعبد بالفرد، فالتعبد بالفرد وترتيب اثر الكلي لا معنى له، وكذا عكسه.
وان كان الأثر متعددا بان أحدهما للكلي بما هو، والآخر للفرد بما هو، فمقتضى التدقيق ما ذكرنا من أن التعبد بالشئ لا معنى له إلا التعبد بأثره، ولا يعقل التعبد بشئ والتعبد باثر غيره.
وعن شيخنا العلامة - أعلى الله مقامه - في تعليقته المباركة (1)، على الرسائل:
إن التعبد بالكلي لا تعبد في ترتيب اثر الفرد، إلا على الأصل المثبت، وفي كفاية التعبد بالفرد لترتيب اثر الكلي أيضا وجهان.
من أن الطبيعي عين الفرد - في الخارج - وجوده بعين وجوده الفرد، فالتعبد بالفرد تعبد بالطبيعي الموجود بين وجوده، فيفيد ترتيب اثر الكلي كما يفيد ترتيب اثر الفرد.
ومن أن الكلي والفرد بالنظر العرفي اثنان، يكون بهذا النظر بينهما التوقف والعلية، دون الاتحاد والعينية، فلا يكون التعبد بالفرد عرفا تعبدا بالكلي بهذا النظر، وهو المعتبر في هذا الباب.