الحكم في زمان ورود الشرع، وليس هو عين العدم الأزلي بقاء، بل لازم عقلي له، إذ لازم عدم قلب العدم - إلى النقيض بالاختيار - بقاء العدم الأزلي على حاله، لا أنه عينه حتى يكون العدم الواحد، تارة غير مستند إلى الشارع، وأخرى مستندا إليه.
فما هو متيقن غير مجعول، وما هو مجعول غير متيقن في السابق، بل لازمه.
فالتعبد به بلسان التعبد ببقاء العدم الأزلي - مع أن العدم الأزلي ليس من قبيل الموضوع للعدم المجعول، كما هو واضح، لا يصح إلا بناء على الأصل المثبت.
الا أن يقال: بخفاء الواسطة وأن العدم الأزلي وإن كان غير العدم الذي هو بديل لأمر المجعول بالدقة، لكنه عينه عرفا، فيري العرف استمرار العدم، وإن كان اضطراريا تارة واختياريا أخرى.
وأما الكلام في الثاني: فنقول: العدم الذي هو بديل الوجود المجعول بالذات، وينسب الجعل إليه بالعرض، كبديله كلاهما مشكوك، ليس شئ منهما - بما هو مستند إلى الشارع - متيقنا لكن الوجوب من أول انعقاد الشريعة ليس فعليا، فيمكن استصحاب عدم الوجوب الشرعي الفعلي.
والتحقيق: أنا إذا قلنا بامكان الواجب المعلق، وأن الايجاب الفعلي يمكن أن يتعلق بأمر متأخر، فاستصحاب عدم الوجود الفعلي لا مانع منه، لفرض إمكان بديله - قبل الزمان المقيد به الفعل - فيكون عدم الوجوب الفعلي من أول الأمر متيقنا.
وإذا قلنا بعدم إمكان الواجب المعلق، وأن زمان الوجوب الفعلي زمان الواجب، فكما أن الواجب على الفرق متقيد باليوم الخاص، فكذا ايجابه قهرا، فعدمه البديل له هو عدم الوجوب في ذلك اليوم الخاص، وهو على الفرض مشكوك يراد التعبد به.
ولا يجدي العدم السابق الاضطراري في التعبد بهذا العدم البديل، لما مر من أنه غير مجعول ولازمه بقائه عدم الوجود الفعلي في هذا الزمان