فالشك في بقائها إن كان منبعثا عن الشك في قوة تلك القوة وضعفها - من حيث الاستعداد - كان الشك في المقتضي، وإن كان الشك في بقائها منبعثا عن الشك في حرقها وقعطها كان لشك في الرافع.
وكذا حال الفواكه والأثمار، فان مزاجها الطبيعي من حيث الاقتضاء لبقائها متفاوت، فقد يكون الشك في مقدار الاقتضاء، وقد يكون الشك في الرافع والمزيل.
والحيوانات أيضا بحسب أمزجتها الطبيعية مختلفة الاستعداد وليس شئ منها قابلا للبقاء إلا أن يزيله مزيل (1)، فالشك فيها من هذه الحيثية شك في المقتضي، وإن كان الشك من حيث قتلها ونحوه شكا في الرافع.
والمقولات العرضية كلها قابلة للبقاء، فان موضوعها ومحلها حافظ لها - بعد وجودها بأسبابها - إلى أن يزيلها مزيل، أو يبطل ما هو شرط فعلية بقائها.
وأما الافعال الخارجية القائمة بالفاعلين عن اختيار، مسبب عن مصالح مخصوصة - كقيام زيد وقعوده، وركوعه وسجوده - فإنها وإن حدثت عن مصالح مخصوصة لكن انقضاء تلك المصلحة لا يوجب زوال القيام والقعود بنفسها، ما لم يحدث في نفسه داع إلى اختيار القعود بعد القيام، وهكذا.... فلا يسقط على الأرض قهرا بعد زوال الغرض الداعي إلى القيام، بل يحدث له داع، فيقعد باختياره فقيامه مثلا محفوظ ببقاء محله إلى أن يحصل ما يزول به القيام، ولو بنحو المضادة لا بنحو الفعلية.
نعم إذا تردد أمر بقاء القيام - من حيث أن له قوة القيام ساعة أو ساعتين - كان من الشك في المقتضي، فإنه بفناء القوة يسقط على الأرض لا باختياره.
وأما الأحكام الشرعية، فهي قابلة لكلا الوجهين، فقد تقتضي المصلحة ايجابا موقتا وقد تقتضي ايجابا غير موقت، لكن فعلية بقائه منوطة بوجود شئ أو بعدم ما فيه مصلحة مزاحمة لتلك المصلحة في تأثيرها في الوجوب بقاء.