وأخرى مقوما، بحيث يكون دخيلا في مصلحة الامتثال، إلا أن المقوم على قسمين: فتارة يكون بوجود المحمولي قيدا دخيلا في مصلحة الامساك، وأخرى يكون بوجوده الناعتي دخيلا فيها.
فالأولى - كما إذا قيل: " أمسك في النهار، فإذا كان الامساك محققا بالوجدان، والنهار محققا بالتعبد، كفى في كون الامساك في النهار، فإنه إمساك بالوجدان في النهار التعبدي.
والثانية - كما إذا قيل " يجب الامساك النهاري "، فان مجرد استصحاب النهار لا يجدي في كون الامساك نهاريا، اي معنونا بهذا العنوان، لا بالتعبد، ولا بالوجدان، والمفروض تعلق الحكم بالمعنون بهذا العنوان - بما هو - لا بالامساك، مع وقوعه في النهار الذي هو منشأ انتزاع ذلك العنوان.
فالتعبد - بالنهار - غير التعبد بكون الامساك نهاريا والقيدية بمعنى الشرطية للواجب، وإن كانت تقتضي تقيد الواجب ولا تعبد بالتقيد في الأول أيضا، إلا أن تقيد الامساك بكونه في النهار التعبدي وجداني لا حاجة فيه إلى التعبد بخلاف الامساك النهاري، فإنه لا تعبدي ولا وجداني.
نعم إذا كان الامساك النهاري موضوعا للحكم صح استصحاب كون الامساك الوجداني من أوله إلى آخره، نهاريا في السابق وجدانا ونهاريا في اللاحق تعبدا، فيقال: هذا الامساك الواحد كان نهاريا، والآن كما كان.
ووحدة الامساك من حيث عدم تخلل نقيضه، وان كانت عقلية إلا أنه من حيث الاتصاف بالنهارية لابد من المسامحة.
فان المتيقن اتصاف الجزء الأول من هذا الواحد المستمر بكونه نهاريا، فلابد من لحاظ هذا الواحد بذاته في الحكم باتصافه بالنهارية.
وأما إذا كان الامساك في النهار موضوعا فلا حاجة فيه إلى استصحاب كونه في النهار، لما عرفت من أن التعبد بذات القيد يكفي، لأن القيد وجداني لا حاجة فيه إلى التعبد، حتى يقال: بأنه لا يثبت بالتعبد بذات القيد.