وأجاب في المدارك عن الفرق المذكور بأنه يمكن دفعه بأن الخطأ إنما هو في مصادفة الصلاة لجهة الكعبة لا للجهة التي يجب استقبالها للقطع بأن فرض كل منهم استقبال ما أدى إليه الاجتهاد وإن كانت خلاف جهة الكعبة. انتهى.
أقول: الكلام في هذا المقام يقع في موضعين: (أحدهما) - أن الظاهر من كلامهم أن المراد بهذه الجهة التي متى اختلف المجتهدون فيها لم يأتم بعضهم ببعض هي ما بين اليمين واليسار كملا، وهو ضعيف (1) لأن الذي يظهر من عباراتهم ويلوح من إشاراتهم أن التيامن والتياسر اليسير لا يخرج عن القبلة وفسروه بما بين المغرب والمشرق، ولهذا حكموا بصحة صلاة من ظهرت صلاته إلى تلك الجهة بعد الفراغ والاستدارة في الأثناء وما ذاك إلا من حيث كونها قبلة، ويدل عليه بأوضح دلالة الأخبار الدالة على أن ما بين المشرق والمغرب قبلة كما تقدم، قال شيخنا المشار إليه في الذكرى بعيد هذا الكلام المتقدم نقلة: لو اختلف الإمام والمأموم في التيامن والتياسر فالأقرب جواز الاقتداء، لأن صلاة كل منهما صحيحة مغنية عن القضاء والاختلاف هنا يسير، ولأن الواجب مع البعد الجهة هنا. وقال في موضع آخر: لو صلى باجتهاد إلى جهة أو لضيق الوقت ثم تبين الانحراف يسيرا استقام بناء على أن القبلة هي الجهة، ولقول الصادق (عليه السلام) (2) " ما بين المشرق والمغرب قبلة " ولو تبين الانحراف الكثير استأنف، وظاهر الأصحاب أن الكثير ما كان على سمت اليمين أو اليسار لرواية عمار، ثم نقل موثقة عمار المتقدمة في الصورة الأولى. وهذه الكلمات إذا ضمت بعضها إلى بعض ظهر لك منها ما قلنا وهو بظاهره مدافع لما ذكره (قدس سره) في تعريف الجهة حيث قال إنها هي السمت الذي يظن كون الكعبة فيه لا مطلق الجهة كما قال بعض العامة إن الجنوب قبلة لأهل الشمال وبالعكس والمشرق قبلة لأهل المغرب وبالعكس، لأنا نتيقن الخروج هنا عن القبلة وهو * (هامش) (1) جملة " وهو ضعيف " ليست موجودة في ما وقفنا عليه من النسخ الخطية. (2) الوسائل الباب 9 و 10 من القبلة. (*)