وتقريب الاستدلال بها أن المراد أنه صلى الصبح على غير القبلة واستبان له ذلك قبل الاسفار أو طلوع الشمس فقوله: " قبل أن تصبح " إشارة إلى ذلك. وأما حملها على أن الفائت العشاءان وأن الأمر بالإعادة قبل الصبح يعني الفجر الثاني لامتداد وقت العشاءين إلى ذلك الوقت في المضطر كما تقدم القول به فبعيد، وقد تقدم تحقيق المسألة في غير مقام.
ثم إنه لا يخفى أن هذه الأخبار كما ترى قد دلت على وجوب الإعادة في الوقت متى ظهر أنه صلى على غير القبلة واطلاقها شامل لما لو كانت صلاته في ما بين المشرق والمغرب لصدق أنه إلى غير القبلة مع أن الحكم ثمة كما تقدم عدم وجوب الإعادة، والأصحاب قد قيدوا اطلاق هذه الأخبار ولا سيما صحيحة معاوية بن عمار التي هي الأصل في الاستدلال فاخرجوا من هذا الاطلاق ما بين المشرق والمغرب بتلك الأخبار.
ولقائل أن يقول إن بين أخبار الطرفين عموما وخصوصا من وجه. فكما أن هذه الأخبار عامة بالنسبة إلى الصلاة إلى غير القبلة إلا أنها مفصلة بالنسبة إلى الوقت وخارجه وتلك الأخبار مطلقة بالنسبة إلى الوقت وخارجه وخاصة بالنسبة إلى القبلة التي حصل فيها الانحراف وهي ما بين المشرق والمغرب، فكما يمكن ارتكاب التخصيص المذكور الذي بنى عليه الاستدلال بالأخبار في الموضعين كذلك يمكن تخصيص تلك الأخبار بالصلاة في خارج الوقت كما فصلته هذه الأخبار وابقاؤها على اطلاقها بالنسبة إلى القبلة فيقال بوجوب الإعادة في الوقت متى صلى إلى غير القبلة بأي نحو كان وإن كان في ما بين المشرق والمغرب، ولا يتم الاستدلال بتلك الروايات على ما ذكروه فلا بد لترجيح الأول من دليل، ولعل ما تقدم نقله عن كثير من عبارات المتقدمين من اطلاقهم وجوب الإعادة في الوقت مبني على ما ذكرناه هنا.
واستدل العلامة في المنتهى على ترجيح الأول بوجهين (أحدهما) - موافقة الأصل وهو براءة الذمة إذ لو حملنا حديث معاوية على ما ذكرتم لزمت الإعادة لمن صلى