إلى القبلة ثم يصلي كيف ما دارت " ثم قال: وأجيب عن الأول بأن الحركة بالنسبة إلى المصلي عرضية لأنه ساكن. ويمكن الجواب عنه أيضا بأن ذلك مغتفر بالنص وهو الجواب عن الثاني. وعن الروايتين بعد سلامة السند بحمل الأمر في الأولى على الاستحباب والنهي في الثانية على الكراهة جمعا بين الأدلة. انتهى.
أقول: والتحقيق عندي في هذا المقام أن يقال لا ريب أنه قد علم من الأدلة القطعية وجوب القيام في الصلاة والاستقبال والركوع والسجود والاستقرار والطمأنينة في تلك الأفعال وأنه لا يجوز الاخلال بذلك اختيارا، ويؤيده مراعاة ذلك في الصلاة في السفينة كما دلت عليه الروايات المذكورة في الباب وأنه لا يخل بشئ من ذلك إلا مع عدم التمكن منه، ويعضده أيضا ما تقدم من الأخبار الدالة على عدم جواز الصلاة على الراحلة اختيارا، وبما ذكرنا اعترف السيد المذكور في مسألة الصلاة على ظهر الكعبة حيث قال بعد نقل القول بأنه يصلي مستلقيا ما صورته: والأصح ما اختاره المصنف من وجوب الصلاة على سطحها كما يصلي داخلها عملا بمقتضى الأدلة القطعية الدالة على وجوب القيام والاستقبال والركوع والسجود. انتهى. وحينئذ فالواجب في هذا المقام تطبيق الأخبار الواردة في الصلاة في السفينة على هذه القواعد القطعية المتفق على العمل بها، والأخبار المذكورة عند التأمل الصادق في معانيها منطبقة عليها بأوضح وجه من غير تكلف ولا خروج عن ظواهرها كما سنوضحه إن شاء الله تعالى في المقام، وبموجب ذلك لا يتم ما ذهبوا إليه من القول بالجواز مطلقا على أي نحو كانت السفينة من استقرار واضطراب وتفصيل ما أجملناه من الكلام المتقدم هو أن يقال إنه إن لم يتمكن من الأرض والصلاة عليها على الوجه المتقدم من الاتيان بجميع الشرائط فلا ريب أنه يصلي في السفينة على أي نحو كانت لمكان الضرورة ويتحرى الاتيان بتلك الواجبات حسب الامكان، وعلى هذا تحمل الأخبار الدالة على جواز الصلاة في السفينة وإن دارت وتحركت واضطربت كصحيحة عبد الله بن سنان وصحيحة معاوية بن عمار وحسنة حماد بن عثمان