فهما ظاهرتا الدلالة على القول المشهور، وما ردهما به من الطعن في غاية القصور لما صرح به هو نفسه (قدس سره) في كتاب الصوم في مسألة الافطار للظلمة الموهمة حيث نقل ثمة أنه لا خلاف بين علمائنا ظاهرا في جواز الافطار عند ظن الغروب إذا لم يكن للظان طريق إلى العلم وإنما اختلفوا في وجوب القضاء وعدمه إذا انكشف فساد الظن، ثم نقل القول بعدم الوجوب عن جمع من الأصحاب ونقل القول بالوجوب عن آخرين واختار الأول، واستدل بصحيحة زرارة ورواية أبي الصباح الكناني المذكورتين وصحيحة أخرى لزرارة أيضا عن أبي جعفر (عليه السلام) (1) " أنه قال لرجل ظن أن الشمس قد غابت فأفطر ثم أبصر الشمس بعد ذلك فقال ليس عليه قضاء " ونقل أيضا رواية الشحام الدالة على ذلك. وأنت خبير بظهور دلالة هذه الروايات كملا على القول المشهور إذ الحكم في الصلاة والصوم واحد لابتنائهما على وقت واحد وأما ما ذكره هنا - من التأويل في صحيحة زرارة بحمل قوله: " قد مضى صومك " على معنى فساده - فهو من التأويلات الغثة التي يقضى منها العجب من مثل فإن هذه العبارة إنما يرمى بها في مقام الكناية عن الصحة أي مضى صومك على الصحة.
ومما يؤيد القول المشهور زيادة على ما ذكرنا موثقة عبد الله بن بكير عن أبيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) قال: " قلت له إني صليت الظهر في يوم غيم فانجلت فوجدتني صليت حين زال النهار؟ قال فقال لا تعد ولا تعد " ورواية إسماعيل ابن رياح المتقدمة.
والروايات الدالة على الاعتماد على صياح الديك، ومنها ما رواه المشايخ الثلاثة في الصحيح أو الحسن في كتابي الكليني والشيخ إلى أبي عبد الله الفراء عن أبي عبد الله (عليه السلام) (3) " أنه قال له رجل من أصحابنا إنه ربما اشتبه علينا الوقت في يوم غيم؟ فقال تعرف هذه