في رواية يونس (1) الواردة في كيفية التكفين أنها قدر ذراع، وفي الفقه الرضوي (2) " وروي أن الجريدتين كل واحدة بقدر عظم الذراع " أقول: إن هذه الرواية هي مستند المشهور فإنا لم نقف في الأخبار المشهورة بين الأصحاب على ما يدل على هذا القول مع شهرته، والظاهر أن الجماعة تبعوا فيه علي بن الحسين بن بابويه حيث إنه ذكر ذلك في رسالته كما نقلوه عنه، وقد عرفت وستعرف أن عباراته وجل رسائله مأخوذة من هذا الكتاب، والصدوق في الفقيه جمع بين الروايات الثلاث بالتخيير كما قدمنا في عبارته، والعجب أن المتأخرين تلقوا هذا القول بالقبول مع عدم اتيانهم عليه بدليل حتى قال الشهيد في الذكرى وتبعه من تأخر عنه فيه: " والمشهور قدر عظم الذراع وفي خبر يونس قدر ذراع وروى الصدوق قدر الذراع أو الشبر وفي خبر جميل بن دراج قدر شبر وابن أبي عقيل قدر أربع أصابع فما فوقها، والكل جائز لثبوت الشرعية مع عدم القاطع على قدر معين " وفيه أنه لا ريب وإن كان الشرعية حاصلة بوضع الجريدة بأي قدر كان لأن الغرض تعلق بدفعها العذاب عنه ما دامت خضراء إلا أن السنة المطهرة قد حددتها بحد وإن اختلفت الرواية في ذلك الحد، ومقتضى ما تلوناه من أخبار المسألة أن ذلك دائر بين الشبر والذراع، والواجب - كما هو قضية الاختلاف بين الأخبار - أما الترجيح بين الخبرين أو التخيير جمعا، ومن ذلك يظهر سقوط القول بعظم الذراع والقول بأربع أصابع. وقوله: " مع عدم القاطع على قدر معين " لا معنى له بعد وصول الخبرين المذكورين فإن الحد المعين دائر بين هذين الحدين المذكورين. ومقتضى قواعدهم واصطلاحهم في الأخبار هو ترجيح رواية جميل لأنها حسنة عندهم وحسنها إنما هو بإبراهيم بن هاشم الذي لا يقصر حديثه عندهم عن الصحيح بل عده في الصحيح جمع منهم والأخبار الباقية ضعيفة باصطلاحهم. هذا إن عملوا بمقتضى هذا الاصطلاح وإلا فالواجب الجمع بالتخيير بين الروايتين وبه يظهر سقوط القولين الآخرين فقوله: " والكل
(٤٣)