وأين هذا أيضا من قول الحسن البصري سيد التابعين لمن قال له رأيتك البارحة في الجنة أما وجد إبليس أحدا يسخر به غيري وغيرك؟ وأين هذا أيضا من قول مالك بن دينار لما قيل له اخرج معنا للاستسقاء وأبى إني أخاف أن تمطر عليكم حجارة بسبب وقوفي معكم، وكان إذا أملى الحديث فمرت به سحابة يقطع التحديث ويقول: حتى تمر هذه السحابة فإني أخاف أن يكون فيها حجارة ترجمنا بها. وكان يقول والله لو حلف شخص أنني ما أخاف الله ولا يوم الحساب فقلت له لا تكفر عن يمينك صدقت فإن أفعالي تصدق ذلك، وأين هذا أيضا من قول معروف الكرخي رضي الله عنه والله إني لأنظر إلى أنفي في كل يوم كذا وكذا مرة مخافة أن يكون قد اسود من سوء ما أتعاطاه، وكان كثيرا ما ينظر في المرآة إذا قام من النوم وربما حسس؟؟ على وجهه بيده ويقول أخاف أن يكون الله عز وجل قد حول وجهي وجه خنزير، وأين هذا أيضا من قول سيدي الشيخ عبد العزيز الديريني لما طلبوا منه كرامة والله يا أولادي ما عندي الآن كرامة أكرمني الله بها أعظم من إمساك الأرض ولم يخسفها بي حين أمشي عليها، ووالله يا أولادي لقد استحقينا الخسف بنا لولا عفو الله تعالى. وأحوال السلف في خوفهم من الله تعالى كثيرة مشهورة خلاف ما عليه بعض أهل هذا الزمان من حسن الظن بنفوسهم من غير طريق شرعي.
ومعلوم أن من شأن كل عارف بالله تعالى أن ينظر للذي عليه ولا ينظر للذي له، وغالب المدعين في هذا الزمان وغيره لا بد أن يفتضحوا لأن كل مدع ممتحن، وقد قال شخص من صوفية عصرنا هذا أطلعني الله تعالى على جميع ما كتبه في اللوح المحفوظ المشار إليه بقوله تعالى:
* (وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) *.
وكان ذلك بحضرة بعض الحذاق، فقال له يا سيدي فكم في حاجبك من شعرة؟
فما درى ما يقول فافتضح. فاعلم ذلك وإياك والدعاوي الكاذبة حتى تجاوز الصراط والله يتولى هداك * (وهو يتولى الصالحين) *.