ويحتاج العامل بهذا العهد إلى نور قلب وكثرة سياسة، فإن صورة أخلاق المرأة صورة نفس الرجل لأنها مخلوقة منه، فعوجها من عوجه واستقامتها من استقامته.
وقد كان الفضيل بن عياض رضي الله عنه يقول: إني لأقع في مخالفة فأعرف أثر ذلك في خلق حماري وزوجتي وخادمي، وكأن الحق تعالى يقول لعيال العبد وأصحابه أطيعوا عبدي ما أطاعني واعصوه ما عصاني، وهذه قاعدة أكثرية لا كلية، فربما كان الوالي مستقيما مع الله فيبتليه الله تعالى بمخالفة زوجته وغيرها اختبارا له لينظر تعالى صبره وغير ذلك.
فاعلم أنه لا ينبغي للرجل المبادرة إلى إلحاق الإثم بالزوجة بسخطه عليها إلا إن سار معها سيرة حسنة وفتش أخلاقه معها كلها.
وقد كان سيدي عبد العزيز الديريني يقول: إياك أن تتزوج على امرأتك أو تتسرى عليها إلا إن وطنت نفسك على نكد الدهر، ولما أوقعه الله تعالى فيما كان يحذر الناس منه وتزوج على امرأته أنشد يقول:
تزوجت اثنتين لفرط جهلي * وقد حاز البلا زوج اثنتين فقلت أعيش بينهما خروفا * أنعم بين أكرم نعجتين فجاء الحال عكس الحال دوما * عذابا دائما ببليتين رضا هذي يهيج سخط هذي * فما أخلو من احدى السخطتين لهذي ليلة ولتلك أخرى نقار * دائما في الليلتين إذا ما شئت أن تحيا سعيدا * من الخيرات مملوء اليدين فعش عزبا وإن لم تستطعه * فواحدة تكفي عسكرين والله تعالى أعلم.
ولنذكر ما ورد في إسخاط المرأة زوجها ومخالفته بغير حق أو بحق.
روى الشيخان مرفوعا في حديث طويل:
والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها.
وروى الطبراني مرفوعا: " " أيما رجل تزوج امرأة ينوي أن لا يعطيها من صداقها شيئا فمات يوم يموت وهو زان " ".