الحديث قال الدارقطني في الغرائب: هو غريب وكل رواته ثقات، وقد رواه أيضا ابن عساكر والبيهقي وصحح وقفه، وقد ذكره الحاكم في المدخل وجعله مثالا لما رفعه المخرجون من الموقوفات. وقد أخرج ابن خزيمة في صحيحه عن عبد الله بن عمر مرفوعا: ووقت صلاة المغرب إلى أن يذهب حمرة الشفق قال ابن خزيمة: إن صحت هذه اللفظة أغنت عن جميع الروايات، لكن تفرد بها محمد بن يزيد. قال الحافظ: محمد بن يزيد صدوق، قال البيهقي: روي هذا الحديث عن عمر وعلي وابن عباس وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس وأبي هريرة ولا يصح فيه شئ. قال المصنف رحمه الله: وهو يدل على وجوب الصلاة بأول الوقت انتهى. وفي ذلك خلاف في الأصول مشهور.
والحديث يدل على صحة قول من قال: إن الشفق الحمرة، وهم ابن عمرو ابن عباس وأبو هريرة وعبادة من الصحابة والقاسم والهادي والمؤيد بالله وأبو طالب وزيد بن علي والناصر من أهل البيت. والشافعي وابن أبي ليلى والثوري وأبو يوسف ومحمد من الفقهاء. والخليل والفراء من أئمة اللغة. قال في القاموس: الشفق الحمرة ولم يذكر الأبيض.
وقال أبو حنيفة والأوزاعي والمزني وبه قال الباقر: بل هو الأبيض، واحتجوا بقوله تعالى: * (إلى غسق الليل) * (الاسراء: 78) ولا غسق قبل ذهاب البياض، ورد بأن ذلك ليس بمانع كالنجوم، وقال أحمد بن حنبل: الأحمر في الصحارى والأبيض في البنيان، وذلك قول لا دليل عليه، ومن حجج الأولين ما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه صلى العشاء لسقوط القمر لثالثة الشهر، أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي، قال ابن العربي: هو صحيح وصلى قبل غيبوية الشفق، قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي: وقد علم كل من له علم بالمطالع والمغارب أن البياض لا يغيب إلا عند ثلث الليل الأول، وهو الذي حد عليه السلام خروج أكثر الوقت به، فصح يقينا أن وقتها داخل قبل ثلث الليل الأول بيقين، فقد ثبت بالنص أنه داخل قبل مغيب الشفق الذي هو البياض، فتبين بذلك يقينا أن الوقت دخل بالشفق الذي هو الحمرة انتهى. وابتداء وقت العشاء مغيب الشفق إجماعا لما تقدم في حديث جبريل وفي حديث التعليم وهذا الحديث وغير ذلك، وأما آخره فسيأتي الخلاف فيه.
وعن عائشة قالت: أعتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة بالعتمة فنادى عمر: نام النساء والصبيان فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما ينتظرها