وعن أبي سعيد الخدري قال: بعث علي عليه السلام وهو باليمن إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذهيبة فقسمها بين أربعة، فقال رجل: يا رسول الله اتق الله، فقال: ويلك أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله؟ ثم ولى الرجل، فقال خالد بن الوليد: يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ فقال: لا لعله أن يكون يصلي، فقال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم مختصر من حديث متفق عليه.
الحديث اختصره المصنف وترك أطرافا من أوائله وتمامه قال: ثم نظر إليه وهو مقف فقال: إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله لينا رطبا لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود انتهى. قوله: بذهبية على التصغير. وفي رواية بذهبة بفتح الذال.
قوله: بين أربعة هم عيينة بن حصن والأقرع بن حابس وزيد الخيل والرابع إما علقمة بن علاثة وإما عامر بن الطفيل، كذا في صحيح مسلم. قال النووي قال العلماء: ذكر عامر هنا غلط ظاهر لأنه توفي قبل هذا بسنين، والصواب الجزم بأنه علقمة بن علاثة كما هو مجزوم به في باقي الروايات. قوله: فقال خالد بن الوليد في رواية عمر بن الخطاب وليس بينهما تعارض بل كل واحد منهما استأذن فيه. قوله: لعله أن يكون يصلي فيه أن الصلاة موجبة لحقن الدم، ولكن مع بقية الأمور المذكورة في الأحاديث الآخرة. قوله: لم أومر أن أنقب الخ معناه أني أمرت بالحكم بالظاهر والله متولي السرائر كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: فإذا قالوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله: والحديث استدل به على كفر الخوارج لأنهم المرادون بقوله في آخره، قوم يتلون كتاب الله كما صرح بذلك شراح الحديث وغيرهم، وقد اختلف الناس في ذلك، قال النووي بعد أن صرح هو والخطابي بأن الحديث وأمثاله يدل على كفر الخوارج: وقد كادت هذه المسألة تكون أشد إشكالا من سائر المسائل، ولقد رأيت أبا المعالي وقد رغب إليه الفقيه عبد الحق في الكلام عليها فاعتذر بأن الغلط فيها يصعب موقعه، لأن إدخال كافر في الملة وإخراج مسلم منها عظيم في الدين. وقد اضطرب فيها قول القاضي أبي بكر الباقلاني وناهيك به في علم الأصول، وأشار ابن الباقلاني إلى أنها من المعوصات لأن القوم لم يصرحوا بالتكفير وإنما قالوا قولا يؤدي إلى ذلك.