من حديث ابن عباس: ثم أخذ غرفة فعل بها هكذا أضافها إلى يده الأخرى فغسل بها وجهه ثم قال: هكذا رأيت رسول الله (ص) يتوضأ. وفي سنن أبي داود والبيهقي من رواية علي عليه السلام في صفة وضوء رسول الله (ص): ثم أدخل يديه في الاناء جميعا فأخذ بهما حفنة من ماء فضرب بها على وجهه. فهذه الروايات في بعضها يديه وفي بعضها يده فقط وفي بعضها يده وضم الأخرى إليها، فهي دالة على جواز الأمور الثلاثة وأنها سنة. قال النووي: ويجمع بين ذلك بأن النبي (ص) فعل ذلك في مرات وهي ثلاثة أوجه لأصحاب الشافعي، ولكن الصحيح منها والمشهور الذي قطع به الجمهور ونص عليه الشافعي في البويطي والمزني، أن المستحب أخذ الماء للوجه باليدين جميعا لكونه أسهل وأقرب إلى الاسباغ. والكلام على أطراف الحديث يأتي في الوضوء إن شاء الله، وإنما ساقه المصنف ههنا للرد على من زعم أن الماء المغترف منه بعد غسل الوجه يصير مستعملا لا يصلح للطهورية، وهي مقالة باطلة يردها هذا الحديث وغيره. وقد زعم بعض القائلين بخروج المستعمل عن الطهورية أن إدخال اليد في الاناء للغرفة التي يغسلها بها يصيره مستعملا، وللحنفية والشافعية وغيرهم مقالات في المستعمل ليس عليها أثارة من علم وتفصيلات وتفريعات عن الشريعة السمحة السهلة بمعزل. وقد عرفت بما سلف أن هذه المسألة أعني خروج المستعمل عن الطهورية مبنية على شفا جرف هار. ومن فوائد هذا الحديث جواز المخالفة بين غسل أعضاء الوضوء، لأنه اقتصر في غسل اليدين على مرتين بعد تثليث غيرهما. قوله: فمسح برأسه لم يذكر فيه عددا كسائر الأعضاء، وهكذا أطلق في حديث عثمان المتفق عليه، وصرح بواحدة في حديث علي عليه السلام عند الترمذي وصححه. وفي حديث ابن عباس عند أحمد وأبي داود وقد ورد التثليث في حديث علي عليه السلام من طريق خالفت الحفاظ، وكذلك في حديث عثمان من طريق فيها عبد الرحمن بن وردان، وسيأتي بسط الكلام على ذلك في الوضوء إن شاء الله تعالى.
باب ما جاء في فضل طهور المرأة عن الحكم بن عمر والغفاري: أن رسول الله (ص) نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة رواه الخمسة إلا أن ابن ماجة والنسائي قالا: وضوء المرأة وقال الترمذي، هذا حديث حسن. وقال ابن ماجة: وقد روى بعده حديثا آخر الصحيح الأول يعني حديث الحكم.
الحديث صححه ابن حبان أيضا. وقال البيهقي في سننه الكبرى: قال البخاري حديث