بين البخاري في رواية أن ذلك كان بالزوراء وهي سوق بالمدينة. وقوله: بوضوء بفتح الواو أيضا أي بإناء فيه ماء ليتوضأ به. ووقع في رواية للبخاري فجاء رجل بقدح فيه ماء يسير فصغر أن يبسط فيه صلى الله عليه وسلم كفه فضم أصابعه. قوله:
ينبع بفتح أوله وضم الموحدة ويجوز كسرها وفتحها قاله في الفتح. قوله: حتى توضأوا من عند آخرهم قال الكرماني: حتى للتدريج، ومن للبيان أي توضأ الناس حتى توضأ الذين عند آخرهم وهو كناية عن جميعهم، وعند بمعنى في لأن عند وإن كانت للظرفية الخاصة لكن المبالغة تقضي أن تكون لمطلق الظرفية فكأنه قال: الذين هم في آخرهم: وقال التيمي: المعنى توضأ القوم حتى وصلت النوبة إلى الآخر. وقال النووي: من هنا بمعنى إلى وهي لغة، وتعقبه الكرماني بأنها شاذة، ثم إن إلى لا يجوز أن تدخل على عند ولا يلزم مثله في من إذا وقعت بمعنى إلى، قال في الفتح: وعلى توجيه النووي يمكن أن يقال عند زائدة. والحديث يدل على مشروعية المواساة بالماء عند الضرورة لمن كان في مائة فضل عن وضوئه، وعلى أن اغتراف المتوضئ من الماء القليل لا يصير الماء مستعملا، واستدل به الشافعي على أن الامر بغسل اليد قبل إدخالها الاناء ندب لا حتم، وسيأتي تحقيق ذلك. قال ابن بطال: هذا الحديث شهده جمع من الصحابة إلا أنه لم يرو إلا من طريق أنس وذلك لطول عمره ولطلب الناس علو السند، وناقضه القاضي عياض فقال: هذه القصة رواها العدد الكثير من الثقات عن الجم الغفير عن الكافة متصلا عن جملة من الصحابة، بل لم يؤثر عن أحد منهم إنكار ذلك فهو ملتحق بالقطعي. قال الحافظ: فانظر كم بين الكلامين من التفاوت انتهى. ومن فوائد الحديث أن الماء الشريف يجوز رفع الحدث به. ولهذا قال المصنف رحمه الله: وفيه تنبيه أنه لا بأس برفع الحدث من ماء زمزم، لأن قصاراه أنه ماء شريف متبرك به، والماء الذي وضع رسول الله (ص) يده فيه بهذه المثابة. وقد جاء عن علي كرم الله وجهه في حديث له قال فيه: ثم أفاض رسول الله (ص) فدعا بسجل من ماء زمزم فشرب منه وتوضأ رواه أحمد انتهى. وهذا الحديث هو في أول مسند علي من مسند أحمد بن حنبل ولفظه: حدثنا عبد الله يعني ابن أحمد بن حنبل حدثني أحمد بن عبدة البصري حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن بن الحرث عن أبيه عن زيد بن علي بن حسين بن علي عن أبيه علي بن حسين عن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله (ص) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي (ص) وقف بعرفة فذكر