الأولى. وكذلك حديث عائشة فإن قولها: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يذكر الله على كل أحيانه مشعر بوقوع الذكر منه حال الحدث الأصغر، لأنه من جملة الأحيان المذكورة، فيمكن الجمع بأن هذا الحديث خاص فيخص به ذلك العموم، ويمكن حمل الكراهة على كراهة التنزيه، ومثله الحديث الذي بعده، ويمكن أن يقال إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما ترك الجواب لأنه لم يخش فوت من سلم عليه، فيكون دليلا على جواز التراخي مع عدم خشية الفوت لمن كان مشتغلا بالوضوء، ولكن التعليل بكراهته لذكر الله في تلك الحال يدل على أن الحدث سبب الكراهة من غير نظر إلى غيره.
وعن أبي جهيم بن الحرث قال: أقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه السلام متفق عليه. ومن الرخصة في ذلك حديث عبد الله بن سلمة عن علي وحديث ابن عباس قال: بت عند خالتي ميمونة وسنذكرهما.
قوله: بئر جمل بجيم وميم مفتوحتين، وفي رواية النسائي بئر الجمل بالألف واللام وهو موضع بقرب المدينة. قوله: حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه هو محمول على أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان عادما للماء حال التيمم، فإن التيمم مع وجود الماء لا يجوز للقادرين على استعماله، قال النووي: ولا فرق بين أن يضيق وقت الصلاة وبين أن يتسع. ولا فرق أيضا بين صلاة الجنازة والعيد إذا خاف فوتهما. وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور. وقال أبو حنيفة يجوز أن يتيمم مع وجود الماء لصلاة الجنازة والعيد إذا خاف فوتهما انتهى. وهو أيضا مذهب الهادوية. وفي الحديث دلالة على جواز التيمم من الجدار إذا كان عليه غبار. قال النووي: وهو جائز عندنا وعند الجمهور من السلف والخلف. واحتج به من جوز التيمم بغير تراب. وأجيب بأنه محمول على جدار عليه تراب. وفيه دليل على جواز التيمم للنوافل والفضائل كسجود التلاوة والشكر ومس المصحف ونحوها كما يجوز للفرائض وهذا مذهب العلماء كافة قاله النووي. وفي الحديث أن المسلم في حال قضاء الحاجة لا يستحق جوابا وهذا متفق عليه.
قال النووي: ويكره للقاعد على قضاء الحاجة أن يذكر الله بشئ من الأذكار، قالوا: فلا يسبح ولا يهلل، ولا يرد السلام، ولا يشمت العاطس، ولا يحمد الله إذا عطس، ولا يقول