أن يقوم دليل يقضي بالاختصاص ولا دليل. وأيضا الحكم يكون الشئ نجسا حكم شرعي يحتاج إلى دليل يلتزمه الخصم فما هو.
وعن حذيفة بن اليمان: أن رسول الله (ص) لقيه وهو جنب فحاد عنه فاغتسل ثم جاء فقال: كنت جنبا، فقال: إن المسلم لا ينجس رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي. وروى الجماعة كلهم نحوه من حديث أبي هريرة.
حديث أبي هريرة المشار إليه له ألفاظ منها: أن النبي (ص) لقيه في بعض طرق المدينة وهو جنب فانخنس منه فذهب فاغتسل ثم جاء فقال له: أين كنت يا أبا هريرة؟ قال: كنت جنبا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة، فقال:
سبحان الله إن المؤمن لا ينجس. قوله: وهو جنب يعني نفسه. وفي رواية أبي داود:
وأنا جنب وهذه اللفظة تقع على الواحد المذكر والمؤنث والاثنين والجمع بلفظ واحد. قال الله تعالى في الجمع: * (وإن كنتم جنبا فاطهروا) * (المائدة: 6). وقال بعض أزواج النبي (ص): إني كنت جنبا. وقد يقال: جنبان وجنبون وأجناب.
قوله: فحاد عنه أي مال وعدل. قوله: لا ينجس فيه لغتان: ضم الجيم وفتحها، وفي ماضيه أيضا لغتان: نجس ونجس بكسر الجيم وضمها، فمن كسرها في الماضي فتحها في المضارع، ومن ضمها في الماضي ضمها في المضارع أيضا، قال النووي:
وهذا قياس مطرد ومعروف عند أهل العربية إلا أحرفا مستثناة من الكسر. قوله:
إن المسلم تمسك بمفهومه بعض أهل الظاهر وحكاه في البحر عن الهادي والقاسم والناصر ومالك فقالوا: إن الكافر نجس عين وقووا ذلك بقوله تعالى: * (إنما المشركون نجس) * (التوبة: 28) وأجاب عن ذلك الجمهور بأن المراد منه أن المسلم طاهر الأعضاء لاعتياده مجانبة النجاسة، بخلاف المشرك لعدم تحفظه عن النجاسة وعن الآية بأن المراد أنهم نجس في الاعتقاد والاستقذار، وحجتهم على صحة هذا التأويل أن الله أباح نساء أهل الكتاب، ومعلوم أن عرقهن لا يسلم منه من يضاجعهن، ومع ذلك فلا يجب من غسل الكتابية إلا مثل ما يجب عليهم من غسل المسلمة، ومن جملة ما استدل به القائلون بنجاسة الكافر حديث إنزاله (ص) وفد ثقيف المسجد وتقريره لقول الصحابة قوم أنجاس لما رأوه أنزلهم المسجد، وقوله لأبي ثعلبة لما قال له: يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل الكتاب أفنأكل في آنيتهم؟ قال: إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها وسيأتي في باب آنية الكفار. وأجاب الجمهور عن