السلف منهم سعد بن أبي وقاص وعقبة بن عامر والحسن والحسين وجرير وغير واحد، واختاره ابن أبي عاصم في كتاب الخضاب، وأجاب عن حديث ابن عباس رفعه يكون قوم يخضبون بالسواد لا يجدون ريح الجنة بأنه لا دلالة فيه على كراهة الخضاب بالسواد بل فيه الاخبار عن قوم هذه صفتهم وعن حديث جابر: جنبوه السواد بأنه ليس في حق كل أحد، وقد أخرج الطبراني وابن أبي عاصم من حديث أبي الدرداء رفعه: من خضب بالسواد سود الله وجهه يوم القيامة قال الحافظ: وسنده لين، ويمكن تعقب الجواب الأول بأن يقال: ترتيب الحكم على الوصف مشعر بالعلية، وقد وصف القوم المذكورين بأنهم يخضبون بالسواد، ويمكن تعقب الجواب الثاني بأنه مبني على أن حكمه على الواحد ليس حكما على الجماعة، وفيه خلاف معروف في الأصول.
وعن ابن عباس قال: مر على النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجل قد خضب بالحناء فقال: ما أحسن هذا، فمر آخر قد خضب بالحناء والكتم فقال: هذا أحسن من هذا، فمر آخر وقد خضب بالصفرة فقال: هذا أحسن من هذا كله رواه أبو داود وابن ماجة.
في إسناده حميد بن وهب القرشي الكوفي وهو منكر الحديث، ومحمد بن طلحة الكوفي وكان ممن يخطئ حتى خرج عن حد التعديل، ولم يغلب خطؤه صوابه حتى يستحق الترك، وهو ممن يحتج به إلا بما انفرد، كذا قاله المنذري: والحديث يدل على حسن الخضب بالحناء على انفراده، فإن انضم إليه الكتم كان أحسن، ويدل على أن الخضب بالصفرة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأحسن في عينه من الحناء على انفراده ومع الكتم. وقد سبق حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خضب بالصفرة وتقدم الكلام فيه.
وعن أبي رمثة قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخضب بالحناء والكتم وكان شعره يبلغ كتفيه أو منكبيه رواه أحمد. وفي لفظ لأحمد والنسائي وأبي داود:
أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أبي وله لمة بها ردع من حناء ردع بالعين المهملة أي لطخ يقال به ردع من دم أو زعفران.
وفي لفظ من حديث أبي رمثة: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع ابن لي فقال: ابنك؟ قلت: نعم أشهد به، فقال: لا تجني عليه ولا يجني عليك، قال: ورأيت الشيب