فركه إذا كان يابسا وهو رواية عن أحمد. وقالت العترة ومالك: لا بد من غسله رطبا ويابسا. وقال الليث: هو نجس ولا تعاد منه الصلاة. وقال الحسن بن صالح لا تعاد الصلاة من المني في الثوب وإن كان كثيرا، وتعاد منه إن كان في الجسد وإن قل. قال ابن حزم في المحلى: وروينا غسله عن عمر بن الخطاب وأبي هريرة وأنس وسعيد بن المسيب، وقال الشافعي وداود: وهو أصح الروايتين عن أحمد بطهارته ونسبه النووي إلى الكثيرين وأهل الحديث قال: وروي ذلك عن علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وعائشة قال: وقد غلط من أوهم أن الشافعي منفرد بطهارته احتج القائلون بنجاسته بما روى في غسله، والغسل لا يكون إلا لشئ نجس. وأجيب بأنه لم يثبت الامر بغسله من قوله (ص) في شئ من أحاديث الباب، وإنما كانت تفعله عائشة، ولا حجة في فعلها إلا إذا ثبت أن رسول الله (ص) علم بفعلها وأقرها، على أن علمه بفعلها وتقريره لها لا يدل على المطلوب، لأن غاية ما هناك أنه يجوز غسل المني من الثوب وهذا مما لا خلاف فيه، بل يجوز غسل ما كان متفقا على طهارته كالطيب والتراب فكيف بما كان مستقذرا؟ وأما الاحتجاج بحديث عمار مرفوعا بلفظ: إنما تغسل الثوب من الغائط والبول والمذي والمني والدم والقئ أخرجه البزار وأبو يعلى الموصلي في مسنديهما، وابن عدي في الكامل والدارقطني والبيهقي والعقيلي في الضعفاء، وأبو نعيم في المعرفة، فأجيب عنه بأنه الجماعة المذكورين كلهم ضعفوه، إلا أبا يعلى لأن في إسناده ثابت بن حماد أتهمه بعضهم بالوضع. وقال اللالكائي: أجمعوا على ترك حديثه، وقال البزار: لا يعلم لثابت إلا هذا الحديث. وقال الطبراني انفرد به ثابت بن حماد ولا يروي عن عمار إلا بهذا الاسناد. وقال البيهقي: هذا حديث باطل إنما رواه ثابت بن حماد وهو منهم. قال الحافظ: قلت ورواه البزار والطبراني من طريق إبراهيم بن زكريا عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد، لكن إبراهيم ضعيف وقد غلط فيه إنما يرويه ثابت بن حماد انتهى.
فهذا مما لا يجوز الاحتجاج بمثله. واحتج القائلون بالطهارة برواية الفرك،. ويجاب عنه بمثل ما سلف من أنه من فعل عائشة، إلا أنه إذا فرض اطلاع النبي (ص) على ذلك أفاد المطلوب وهو الاكتفاء في إزالة المني بالفرك، لأن الثوب ثوب النبي (ص) وهو يصلي فيه بعد ذلك كما ثبت في الرواية المذكورة في الباب، ولو كان الفرك غير مطهر لما اكتفى به ولا صلى فيه، ولو فرض عدم اطلاع النبي (ص)