التعسير. وعلى احترام المساجد وتنزيهها لأن النبي (ص) قررهم على الانكار وإنما أمرهم بالرفق.
وعن أنس بن مالك قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله (ص) إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله (ص):
مه مه، قال: فقال رسول الله (ص): لا تزرموه دعوه فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله (ص) دعاه ثم قال: إن هذه المساجد لا تصلح لشئ من هذا البول ولا القذر إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن، أو كما قال رسول الله (ص) قال: فأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه عليه متفق عليه، لكن ليس للبخاري فيه أن هذه المساجد إلى تمام الامر بتنزيهها. وقوله: لا تزرموه أي لا تقطعوا عليه بوله.
قوله: أعرابي هو الذي يسكن البادية وقد سبق الخلاف في اسمه. قوله: مه مه اسم فعل مبني على السكون معناه اكفف. قال صاحب المطالع: هي كلمة زجر أصلها ما هذا، ثم حذف تخفيفا، وتقال مكررة ومفردة. ومثله به به بالباء الموحدة، وقال يعقوب هي لتعظيم الامر كبخ بخ، وقد تنون مع الكسر، وينون الأول ويكسر الثاني بغير تنوين، وكذا ذكره غير صاحب المطالع. قوله: لا تزرموه بضم التاء الفوقية وإسكان الزاي بعدها راء أي لا تقطعوه. والازرام القطع. قوله: إن هذه المساجد الخ مفهوم الحصر مشعر بعدم جواز ما عدا هذه المذكورة من الأقذار والقذى والبصاق ورفع الصوت والخصومات والبيع والشراء وسائر العقود، وإنشاد الضالة والكلام الذي ليس بذكر، وجميع الأمور التي لا طاعة فيها، وأما التي فيها طاعة كالجلوس في المسجد للاعتكاف والقراءة للعلم وسماع الموعظة وانتظار الصلاة ونحو ذلك فهذه الأمور وإن لم تدخل في المحصور فيه لكنه أجمع المسلمون على جوازها كما حكاه النووي، فيخصص مفهوم الحصر بالأمور التي فيها طاعة لائقة بالمسجد لهذا الاجماع، وتبقى الأمور التي لا طاعة فيها داخلة تحت المنع. وحكى الحافظ في الفتح الاجماع على أن مفهوم الحصر منه غير معمول به، قال: ولا ريب أن فعل غير المذكورات وما في معناها خلاف الأولى. قوله: فجاء بدلو فشنه عليه يروى بالشين المعجمة والسين المهملة. قال النووي: وهو في أكثر الأصول والروايات بالمعجمة. ومعناه صبه. وفرق بعض العلماء بينهما فقال هو بالمهملة الصب بسهولة، وبالمعجمة التفريق في صبه، وقد تقدم الكلام على فقه الحديث. قال المصنف رحمه الله: