طهوره ورواه الدولابي في الكنى من حديث ابن عباس بلفظ: سمعت رسول الله (ص) يقول ذكاة كل مسك دباغه ورواه البزار والطبراني والبيهقي عنه قال:
قال رسول الله (ص) في شاة ميمونة: ألا استمعتم بإهابها فإن دباغ الأديم طهوره وفي إسناده يعقوب بن عطاء ضعفه يحيى بن معين وأبو زرعة. وأخرج أحمد وابن خزيمة والحاكم والبيهقي من حديثه أيضا: أن رسول الله (ص) أراد أن يتوضأ من سقاء فقيل له: إنه ميتة فقال: دباغه يزيل خبثه أو نجسه أو رجسه وصححه الحاكم والبيهقي.
وعن عائشة عند النسائي وابن حبان والطبراني والدارقطني والبيهقي بلفظ: دباغ جلود الميتة طهورها وعن المغيرة بن شعبة عند الطبراني، وعن زيد بن ثابت عند الطبراني أيضا، وعند الحاكم أبي أحمد في الكنى وفي تاريخ نيسابور. وعن أبي أمامة عنده أيضا، وعن ابن عمر عنده أيضا وعند ابن شاهين وعن بعض أزواج النبي (ص) عند البيهقي وأيضا عن أنس عند ابن منده. وعن جابر عنده أيضا وعن ابن مسعود عنده أيضا الحديث المذكور في الباب يدل على طهارة أديم الميتة بالدباغ، نص في الشاة المعينة التي هي السبب أو نوعه على الخلاف وظاهر فيما عداه، لأن قوله: إنما حرم من الميتة أكلها بعد قولهم: إنها ميتة يعم كل ميتة، والأحاديث المذكورة في هذا الباب تدل على عدم اختصاص هذا الحكم بنوع من أنواع الميتة. وقد اختلف أرباب العلم في ذلك على أقوال سبعة ذكرها النووي في شرح مسلم، وسنذكرها ههنا غير مقتصرين على المقدار الذي ذكره، بل نضم إليه حجج الأقوال مع نسبة بعض المذاهب إلى جماعات من العلماء لم يذكرهم فنقول:
المذهب الأول أنه يطهر بالدباغ جميع جلود الميتة إلا الكلب والخنزير والمتولد من أحدهما، ويطهر بالدباغ ظاهر الجلد وباطنه، ويجوز استعماله في الأشياء اليابسة والمائعة، ولا فرق بين مأكول اللحم وغيره، وإلى هذا ذهب الشافعي واستدل على استثناء الخنزير بقوله: فإنه رجس وجعل الضمير عائدا إلى المضاف إليه، وقاس الكلب عليه بجامع النجاسة قال: لأنه لا جلد له. قال النووي: وروي هذا المذهب عن علي بن أبي طالب وابن مسعود. المذهب الثاني: أنه لا يطهر شئ من الجلود بالدباغ، قال النووي: وروي هذا القول عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وعائشة وهو أشهر الروايتين عن أحمد، وإحدى الروايتين عن مالك، ونسبه في البحر إلى أكثر العترة، واستدلوا بحديث عبد الله بن عكيم الآتي بلفظ: لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب وكان ذلك قبل موته (ص)