مع عدم الساتر، وهو يصلح دليلا لمن فرق بين الصحراء والبنيان، ولكنه لا يدل على المنع في الفضاء على كل حال كما ذهب إليه البعض بل مع عدم الساتر، وإنما قلنا بصلاحيته للاستدلال. لان قوله إنما نهى عن هذا في الفضاء يدل على أنه قد علم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويحتمل أنه قال ذلك استنادا إلى الفعل الذي شاهده ورواه، فكأنه لما رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيت حفصة مستدبرا القبلة فهم اختصاص النهي بالبنيان، فلا يكون هذا الفهم حجة، ولا يصلح هذا القول للاستدلال به وأقل شئ الاحتمال فلا ينتهض لإفادة المطلوب. وقد سقنا في شرح أحاديث هذا الباب والذي قبله من الكلام على هذه المسألة المعضلة أبحاثا لا تجدها في غير هذا الكتاب، ولعلك لا تحتاج بعد إمعان النظر فيها إلى غيره.
(فائدة) قال المنصور بالله والغزالي والصيمري: إنه يكره استقبال القمرين والنيرات، قالوا: لشرفها بالقسم بها فأشبهت الكعبة كذا في البحر وقد استقوى عدم الكراهة وقد قيل في الاستدلال على الكراهة بأنه روى الحكيم الترمذي عن الحسن قال:
حدثني سبعة رهط من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم: أبو هريرة وجابر وعبد الله بن عمرو وعمران بن حصين ومعقل بن يسار وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك يزيد بعضهم على بعض في الحديث: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن يبال في المغتسل، ونهى عن البول في الماء الراكد، ونهى عن البول في الشارع، ونهى أن يبول الرجل وفرجه باد إلى الشمس والقمر فذكر حديثا طويلا في نحو خمسة أوراق على هذا الأسلوب. قال الحافظ: وهو حديث باطل لا أصل له، بل هو من اختلاق عباد بن كثير وذكر أن مداره عليه. وقال النووي في شرح المهذب: هذا حديث باطل، وقال ابن الصلاح: لا يعرف وهو ضعيف انتهى.
باب ارتياد المكان الرخو وما يكره من التخلي فيه عن أبي موسى قال: مال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى دمث إلى جنب حائط فبال وقال: إذا بال أحدكم فليرتد لبوله رواه أحمد وأبو داود.
الحديث فيه مجهول لأن أبا داود قال في سننه: حدثنا موسى بن إسماعيل أخبرنا أبو التياح حدثني شيخ قال: لما قدم عبد الله بن عباس البصرة فكان يحدثنا عن أبي موسى فكتب عبد الله إلى أبي موسى يسأله عن أشياء فكتب إليه أبو موسى: إني كنت مع رسول الله