يؤخر العشاء الآخرة رواه أحمد ومسلم والنسائي. وعن عائشة قالت: كانوا يصلون العتمة فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول أخرجه البخاري. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لولا أن أشق على أمتي لامرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه رواه أحمد وابن ماجة والترمذي وصححه.
الحديث الأول يدل على استحباب مطلق التأخير للعشاء وجواز وصفها بالآخرة وأنه لا كراهة في ذلك، وقد حكي عن الأصمعي الكراهة. والحديث الثاني يدل على استحباب تأخيرها أيضا وامتداد وقتها إلى ثلث الليل. والحديث الثالث فيه التصريح بأن ترك التأخير إنما هو للمشقة، وقد تقدم الكلام في ذلك وفيه بيان امتداد الوقت إلى ثلث الليل أو نصفه، وقد اختلف أهل العلم في ذلك. فذهب عمر بن الخطاب والقاسم والهادي والشافعي وعمر بن عبد العزيز إلى أن آخر وقت العشاء ثلث الليل، واحتجوا بحديث جبريل وحديث أبي موسى في التعليم وقد تقدما. وفي قول للشافعي أن آخر وقتها نصف الليل، واحتج بما تقدم في حديث عبد الله بن عمرو في باب أول وقت العصر وفيه: ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل وبحديث أبي هريرة المذكور هنا، وبحديث عائشة وأنس وأبي سعيد وستأتي وغير ذلك. وهذه الأحاديث المصير إليها متعين لوجوه.
الأول: لاشتمالها على الزيادة وهي مقبولة. الثاني: اشتمالها على الأقوال والأفعال وتلك أفعال فقط وهي لا تتعارض ولا تعارض الأقوال. والثالث: كثرة طرقها. والرابع:
كونها في الصحيحين، فالحق أن آخر وقت اختيار العشاء نصف الليل، وما أجاب به صاحب البحر من أن النصف مجمل فصله خبر جبريل فليس على ما ينبغي. وأما وقت الجواز والاضطرار فهو ممتد إلى الفجر لحديث أبي قتادة عند مسلم وفيه: ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجئ وقت الصلاة الأخرى إلا صلاة الفجر فإنها مخصوصة من هذا العموم بالاجماع. وأما حديث عائشة الآتي بلفظ: حتى ذهب عامة الليل فهو وإن كان فيه إشعار بامتداد وقت اختيار العشاء إلى بعد نصف الليل ولكنه مؤول لما سيأتي.
وعن جابر قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي الظهر بالهاجرة،