قوله: ينتابون الجمعة أي يأتونها. والعوالي هي القرى التي حول المدينة على أربعة أميال منها. قوله: في العباء هو بالمد وفتح العين المهملة جمع عباءة بالمد وعباية بالياء لغتان مشهورتان. قوله: لو أنكم تطهرتم لو للتمني فلا تحتاج إلى جواب أو للشرط، والجواب محذوف تقديره لكان حسنا الحديث استدل به من قال بعدم وجوب غسل الجمعة، وقد قدمنا تقرير الاستدلال به والجواب عليه في أول الباب.
وعن أوس بن أوس الثقفي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من غسل واغتسل يوم الجمعة وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الامام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها رواه الخمسة، ولم يذكر الترمذي: ومشى ولم يركب.
الحديث حسنه الترمذي وسكت عليه أبو داود والمنذري، وقد اختلف فيه على أبي الأشعث وعلى عبد الرحمن بن زيد. وعلى عبد الله بن المبارك. وقد رواه الطبراني بإسناد، قال العراقي: حسن عن أوس المذكور. ورواه أحمد في مسنده عنه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قوله: غسل روي بالتخفيف والتشديد، قيل أراد غسل رأسه، واغتسل أي غسل سائر بدنه، وقيل: جامع زوجته فأوجب عليها الغسل، فكأنه غسلها واغتسل في نفسه. وقيل: كرر ذلك للتأكيد، ويرجح التفسير الأول ما في رواية أبي داود في هذا الحديث بلفظ: من غسل رأسه واغتسل وما في البخاري عن طاوس قال:
قلت لابن عباس: ذكروا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: اغتسلوا واغسلوا رؤوسكم الحديث. وقال صاحب المحكم: غسل امرأته يغسلها غسلا أكثر نكاحها، وقال الزمخشري:
ويقال غسل المرأة بالتخفيف والتشديد إذا جامعها، وحكاه صاحب النهاية وغيره أيضا. وقيل: المراد غسل أعضاء الوضوء واغتسل للجمعة. وقيل: غسل ثيابه واغتسل لجسده. قوله: بكر بالتشديد على المشهور أي راح في أول الوقت وابتكر أي أدرك أول الخطبة ورجحه العراقي، وقيل: كرره لتأكيد وبه جزم ابن العربي. والحديث يدل على مشروعية الغسل يوم الجمعة وقد تقدم الخلاف فيه، وعلى مشروعية التبكير والمشي والدنو من الامام والاستماع وترك اللغو، وأن الجمع بين هذه الأمور سبب لاستحقاق ذلك الثواب الجزيل.