مثل ما يقول المؤذن، وكذلك لا يأتي بشئ من هذه الأذكار في حال الجماع، وإذا عطس في هذه الأحوال يحمد الله تعالى في نفسه ولا يحرك به لسانه، وهذا الذي ذكرناه من كراهة الذكر هو كراهة تنزيه لا تحريم فلا إثم على فاعله. وإلى هذا ذهبت الشافعية والأكثرون، وحكاه ابن المنذر عن ابن عباس وعطاء ومعيد الجهني وعكرمة، وقال إبراهيم النخعي وابن سيرين: لا بأس بالذكر حال قضاء الحاجة، ولا خلاف أن الضرورة إذا دعت إلى الكلام، كما إذا رأى ضريرا يقع في بئر أو رأى حية تدنو من أعمى كان جائزا. وقد تقدم طرف من هذا الحديث وطرف من شرحه في باب كف المتخلي عن الكلام.
قوله: ومن الرخصة في ذلك حديث عبد الله بن سلمة عن علي سيذكره المصنف في باب تحريم القرآن على الحائض والجنب: وفيه: أنه كان لا يحجزه عن القرآن شئ ليس الجنابة فأشعر بجواز قراءة القرآن في جميع الحالات إلا في حالة الجنابة، والقرآن أشرف الذكر فجواز غيره بالأولى. ومن جملة الحالات حالة الحدث الأصغر. قوله: وحديث ابن عباس بت عند خالتي ميمونة محل الدلالة منه قوله: ثم قرأ العشر الآيات أولها: * (إن في خلق السماوات والأرض) * (البقرة: 164) إلى آخر السورة. قال ابن بطال ومن تبعه فيه دليل على رد قول من كره قراءة القرآن على غير طهارة، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم قرأ هذه الآيات بعد قيامه من النوم قبل أن يتوضأ، وتعقبه ابن المنير وغيره بأن ذلك مفرع على أن النوم في حقه ينقض وليس كذلك لأنه قال: تنام عيناي ولا ينام قلبي. وأما كونه توضأ عقب ذلك فلعله جدد الوضوء أو أحدث بعد ذلك فتوضأ، قال الحافظ: وهو تعقب جيد بالنسبة إلى قول ابن بطال بعد قيامه من النوم لأنه لم يتعين كونه أحدث في النوم، لكن لما عقب ذلك بالوضوء كان ظاهرا في كونه أحدث، ولا يلزم من كون نومه لا ينقض وضوءه أن لا يقع منه حدث وهو نائم، نعم خصوصيته أنه إن وقع شعر به بخلاف غيره، وما ادعوه من التجديد وغيره الأصل عدمه، وقد سبق الإسماعيلي إلى معنى ما ذكره ابن المنير.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يذكر الله على كل أحيانه ورواه الخمسة إلا النسائي وذكره البخاري بغير إسناد.
الحديث أخرجه مسلم أيضا، قال النووي في شرح مسلم: هذا الحديث أصل في ذكر الله بالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد وشبهها من الأذكار وهذا جائز بإجماع المسلمين. وإنما اختلف العلماء في جواز قراءة القرآن للجنب والحائض، وسيأتي