الكلام على ذلك في باب تحريم القراءة على الحائض والجنب. واعلم أنه يكره الذكر في حالة الجلوس على البول والغائط. وفي حالة الجماع. وقد ذكرنا ذلك في الحديث الذي قبل هذا، فيكون الحديث مخصوصا بما سوى هذه الأحوال، ويكون المقصود أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يذكر الله تعالى متطهرا ومحدثا وجنبا وقائما وقاعدا ومضجعا وماشيا، قاله النووي.
باب استحباب الوضوء لمن أراد النوم عن البراء بن عازب: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل: اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت، فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة واجعلهن آخر ما تتكلم به، قال: فرددها على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما بلغت: اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت قلت: ورسولك، قال: لا ونبيك الذي أرسلت رواه أحمد والبخاري والترمذي.
قوله: فتوضأ ظاهره استحباب تجديد الوضوء لكل من أراد النوم ولو كان على طهارة، ويحتمل أن يكون مخصوصا بمن كان محدثا. وقد روى هذا الحديث الشيخان وغيرهما من طرق عن البراء ليس فيها ذكر الوضوء إلا في هذه الرواية، وكذا قال الترمذي. وقد ورد في الباب حديث عن معاذ بن جبل أخرجه أبو داود، وحديث عن علي أخرجه البزار وليس واحد منهما على شرط البخاري. قوله: فأنت على الفطرة المراد بالفطرة هنا السنة بقوله: واجعلهن آخر ما تتكلم به في رواية الكشميهني من آخر وهي تبين أنه لا يمتنع أن يقول بعدهن شيئا من المشروع من الذكر. قوله: لا ونبيك قال الخطابي: فيه حجة لمن منع رواية الحديث بالمعنى، قال: ويحتمل أن يكون أشار بقوله ونبيك الذي أرسلت إلى أنه كان نبيا قبل أن يكون رسولا، ولأنه ليس في قوله ورسولك الذي أرسلت وصف زائد بخلاف قوله ونبيك الذي أرسلت، وقال غيره: ليس فيه حجة على منع ذلك لأن لفظ الرسول ليس بمعنى لفظ النبي، ولا خلاف في المنع إذا اختلف المعنى، فكأنه أراد أن يجمع الوصفين صريحا، وإن كان وصف الرسالة يستلزم وصف النبوة