عداه لا يستلزم عدم وقوع غيره. والأولى الاحتجاج بما أخرجه الترمذي والطبراني من رواية ابن جارية بلفظ: خذ للرأس ماء جديدا فإن صح هذا دل على أنه يجب أن يؤخذ للرأس ماء جديد، ولا يجزي مسحه بفضل ماء اليدين، ويكون المسح ببقية ماء اليدين إن صح حديث الباب مختصا به (ص) لما تقرر في الأصول من أن فعله (ص) لا يعارض القول الخاص بالأمة بل يكون مختصا به، وذلك لان أمره (ص) للأمة أمرا خاصا بهم أخص من أدلة التأسي القاضية باتباعه في أقواله وأفعاله فيبنى العام على الخاص، ولا يجب التأسي به في هذا الفعل الذي ورد أمر الأمة بخلافه وما نحن فيه من هذا القبيل، وإن كان خطابا لواحد لأنه يلحق به غيره إما بالقياس أو بحديث: حكمي على الواحد كحكمي على الجماعة وهو وإن لم يكن حديثا معتبرا عند أئمة الحديث فقد شهد لمعناه حديث: إنما قولي لامرأة كقولي لمائة امرأة ونحوه، قال المصنف رحمه الله بعد أن ساق الحديث ما لفظه: وعلى تقدير أن يثبت أن النبي (ص) مسح رأسه بما بقي من بلل يديه فليس يدل على طهورية الماء المستعمل، لأن الماء كلما تنقل في محال التطهير من غير مفارقة إلى غيرها فعمله وتطهيره باق، ولهذا لا يقطع عمله في هذه الحال تغيره بالنجاسات والطهارات انتهى. وقد قدمنا ما هو الحق في الماء المستعمل.
باب الرد على من جعل ما يغترف منه المتوضئ بعد غسل وجهه مستعملا عن عبد الله بن زيد بن عاصم: أنه قيل له: توضأ لنا وضوء رسول الله (ص) فدعا بإناء فأكفأ منه على يديه فغسلهما ثلاثا، ثم أدخل يده فاستخرجها فمضمض واستنشق من كف واحدة ففعل ذلك ثلاثا، ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل وجهه ثلاثا، ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل يديه إلى المرفقين مرتين، ثم أدخل يده فاستخرجها فمسح برأسه فأقبل بيديه وأدبر، ثم غسل رجليه إلى الكعبين ثم قال: هكذا كان وضوء رسول الله (ص) متفق عليه ولفظه لأحمد.
قوله: فأكفأ منه أي أمال وصب، وفي رواية لمسلم أكفأ منها أي المطهرة أو الإداوة.
قوله: ثم أدخل يده هكذا وقع في صحيح مسلم أدخل يده بلفظ الافراد، وكذا في أكثر روايات البخاري، وفي رواية له: ثم أدخل يديه فاغترف بهما وفي أخرى له