يستنجون بالماء كما سيأتي، قلنا: هو حجة عليكم لا لكم، لأن تخصيص أهل قباء بالثناء يدل على أن غيرهم بخلافهم، ولو كان واجبا لشاركهم غيرهم سلمنا، فمجرد الثناء لا يدل على الوجوب المدعى وغاية ما فيه الأولوية لأصالة الماء في التطهير وزيادة تأثيره في إذهاب أثر النجاسة، على أن حديث قباء فيه كلام سيأتي في هذا الباب. قال المهدي في البحر رادا على حجة أهل القول الأول ما لفظه: قلنا مسلم فأين سقوط الماء؟ انتهى. ونقول له:
ومتى ثبت وجوب الماء حتى نطلب دليل سقوطه؟ ثم إن السنة باعترافك قد وردت بالاستطابة بالأحجار وإنها مجزئة فأين دليل عدم إجزائها؟ وعن معاذة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: مرن أزواجكن أن يغسلوا عنهم أثر الغائط والبول فإنا نستحيي منهم وأن رسول الله (ص) كان يفعله رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه. الحديث يرد على من أنكر الاستنجاء بالماء منه (ص)، والكلام عليه قد تقدم في الذي قبله.
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: نزلت هذه الآية في أهل قباء: * (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) * (التوبة: 108) قال: كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة.
الحديث قال الترمذي: غريب، وأخرجه البزار في مسنده من حديث ابن عباس بلفظ:
نزلت هذه الآية في أهل قباء: * (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) * فسألهم رسول الله (ص) فقالوا: إنا نتبع الحجارة الماء قال البزار: لا نعلم أحدا رواه عن الزهري إلا محمد بن عبد العزيز ولا عنه إلا ابنه. قال الحافظ: ومحمد بن عبد العزيز ضعفه أبو حاتم فقال: ليس له ولا لأخويه عمران وعبد الله حديث مستقيم، وعبد الله بن شبيب الذي رواه البزار من طريقه ضعيف أيضا. وقد روى الحاكم هذا الحديث وليس فيه إلا ذكر الاستنجاء بالماء فحسب، وهكذا صرح النووي وابن الرفعة بأنه ليس في الحديث أنهم كانوا يجمعون بين الأحجار والماء، ولا يوجد هذا في كتب الحديث، وكذا قال المحب الطبري. ورواية البزار واردة عليهم وإن كانت ضعيفة. وحديث الباب قال الحافظ: هو بسند ضعيف وروى أحمد وابن خزيمة والطبراني والحاكم عن عويم بن ساعدة نحوه، وأخرجه الحاكم من طريق مجاهد قال: لما نزلت الآية بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى عويم بن ساعدة فقال: ما هذا الطهور الذي أثنى الله