سنة مجدبة أي ممنوعة الخير. والحديث يدل على كراهة السمر بعد العشاء وسيأتي الخلاف في ذلك.
وعن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسمر عند أبي بكر الليلة كذلك في الامر من أمر المسلمين وأنا معه رواه أحمد والترمذي.
الحديث حسنه الترمذي أيضا، وأخرجه النسائي ورجاله رجال الصحيح، وإنما قصر به عن التصحيح الانقطاع الذي فيه بين علقمة وعمر. وفي الباب عن عبد الله بن عمر عند البخاري ومسلم، وقد ذكرنا لفظه في شرح حديث أبي برزة، وعن أوس بن حذيفة أشار إليه الترمذي. وعن ابن عباس وسيأتي الحديث استدل به على عدم كراهة السمر بعد العشاء لحاجة. قال الترمذي: وقد اختلف أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم والتابعين ومن بعدهم في السمر بعد العشاء، فكره قوم منهم السمر بعد صلاة العشاء، ورخص بعضهم إذا كان في معنى العلم وما لا بد منه من الحوائج، وأكثر الحديث على الرخصة، وهذا الحديث يدل على عدم كراهة السمر بعد العشاء إذا كان لحاجة دينية عامة أو خاصة، وحديث أبي برزة وابن مسعود وغيرهما على الكراهة. وطريقة الجمع بينها بأن توجه أحاديث المنع إلى الكلام المباح الذي فيه فائدة تعود على صاحبه، وأحاديث الجواز إلى ما فيه فائدة تعود على المتكلم، أو يقال: دليل كراهة الكلام والسمر بعد العشاء عام مخصص بدليل جواز الكلام والسمر بعدها في الأمور العائدة إلى مصالح المسلمين. قال النووي: واتفق العلماء على كراهة الحديث بعدها إلا ما كان في خير، قيل: وعلة الكراهة ما يؤدي إليه السهر من مخافة غلبة النوم آخر الليل عن القيام لصلاة الصبح في جماعة، الاتيان بها في وقت الفضيلة والاختيار، أو القيام للورد من صلاة أو قراءة في حق من عادته ذلك، ولا أقل لمن أمن من ذلك من الكسل بالنهار عما يجب من الحقوق فيه والطاعات.
وعن ابن عباس قال: رقدت في بيت ميمونة ليلة كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندها لأنظر كيف صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالليل قال: فتحدث النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أهله ساعة ثم رقد وساق الحديث رواه مسلم.
الحديث استدل به من قال بجواز السمر مطلقا، لأن التحدث الواقع منه صلى الله عليه وآله وسلم لم يقيد بما فيه طاعة، ولا بأس بتقييده بما فيه طاعة جمعا بين الأدلة، كما