فيه دليل على وجوب غسل المرفقين، وقد قدمنا طرفا من الكلام عليه في شرح حديث عثمان المتفق عليه. وقوله: ثم مسح برأسه إطلاق المسح يشعر بعدم التكرار وسيأتي الكلام عليه. قوله: ثم أمر بيديه على أذنيه دليل على مشروعية مسح الاذنين وسيأتي له باب في هذا الكتاب. قوله: ولحيته قد بسطتا البحث فيه في باب استحباب تخليل اللحية.
وعن أبي هريرة أنه توضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم غسل يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتوضأ. وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله رواه مسلم.
قوله: أشرع في العضد وأشرع في الساق معناه أدخل الغسل فيهما قاله النووي.
قوله: أنتم الغر المحجلون قال أهل اللغة: الغرة بياض في جبهة الفرس، والتحجيل بياض في يدها ورجلها، قال العلماء: سمى النور الذي يكون على مواضع الوضوء يوم القيامة غرة وتحجيلا تشبيها بغرة الفرس. وهذا الحديث وغيره مصرح باستحباب تطويل الغرة والتحجيل. والغرة غسل شئ من مقدم الرأس أو ما يجاوز الوجه زائدا على الجزء الذي يجب غسله. والتحجيل غسل ما فوق المرفقين والكعبين وهما مستحبان بلا خلاف، واختلف في القدر المستحب على أوجه: أحدها أنه تستحب الزيادة فوق المرفقين والكعبين من غير تقدير. والثاني إلى نصف العضد والساق. والثالث إلى المنكب والركبتين. قال النووي: وأحاديث الباب تقتضي هذا كله، قال: وأما دعوى الامام أبي الحسن بن بطال المالكي والقاضي عياض اتفاق العلماء على أنه لا يستحب الزيادة فوق المرفق والكعب فباطلة، وكيف يصح دعواهما وقد ثبت فعل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي هريرة وهو مذهبنا لا خلاف فيه عندنا، ولو خالف فيه من خالف كان محجوجا بهذه السنن الصحيحة الصريحة، وأما احتجاجهما بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: من زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم فلا يصح لأن المراد زاد في عدد المرات. وقال الحافظ في التلخيص: وقد ادعى ابن بطال في شرح البخاري وتبعه القاضي تفرد أبي