وكذلك الحديث الآتي في الباب الذي بعد هذا فإنه صريح في أن دم الحيض يعرف ويتميز عن دم الاستحاضة، فطاحت مسألة المتحيرة ولله الحمد، ولم يبق ههنا ما يستصعب إلا ورود بعض الأحاديث الصحيحة بالإحالة على صفة الدم وبعضها بالإحالة على العادة، وقد عرفت إمكان الجمع بينها بما سلف. قوله: قال توضئي لكل صلاة سيأتي الكلام عليه في باب وضوء المستحاضة. قال المصنف رحمه الله بعد أن ساق الحديث: وفيه تنبيه على أنها إنما تبني على عادة متكررة، انتهى.
وعن عائشة: أن أم حبيبة بنت جحش التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف شكت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الدم فقال لها: امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي، فكانت تغتسل عند كل صلاة رواه مسلم. ورواه أحمد والنسائي ولفظهما: قال: فلتنتظر قدر قروئها التي كانت تحيض فلتترك الصلاة، ثم لتنظر ما بعد ذلك فلتغتسل عند كل صلاة وتصلي.
قوله: ثم اغتسلي قال الشافعي وسفيان بن عيينة والليث بن سعد وغيرهم: إنما أمرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تغتسل وتصلي ولم يأمرها بالاغتسال لكل صلاة.
قال الشافعي: ولا أشك أن غسلها كان تطوعا غير ما أمرت به، وقد قدمنا الكلام على هذا في باب غسل المستحاضة. والرواية الأولى من الحديث قد أخرج نحوها البخاري وأبو داود بزيادة: وتوضئي لكل صلاة والحديث يدل على أن المستحاضة ترجع إلى عادتها إذا كانت لها عادة وتغتسل عند مضيها. وقد تقدم الكلام على ذلك. وقوله في الرواية الأخرى: فلتغتسل عند كل صلاة استدل به القائلون بوجوب الغسل لكل صلاة، وقد تقدم الكلام على ذلك أيضا.
وعن القاسم عن زينب بنت جحش: أنها قالت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها مستحاضة، فقال: تجلس أيام أقرائها ثم تغتسل وتؤخر الظهر وتعجل العصر وتغتسل وتصلي وتؤخر المغرب وتعجل العشاء وتغتسل وتصليهما جميعا وتغتسل للفجر رواه النسائي.
الحديث إسناده في سنن النسائي هكذا أخبرنا سويد بن نصر قال: أخبرنا عبد الله عن سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه فذكره ورجاله ثقات. قال النووي: أحاديث الامر بالغسل ليس فيها شئ ثابت، وحكي عن البيهقي ومن قبله تضعيفها. وأقواها حديث