وأبو ثور وداود يجوز اللبس على حدث ثم يكمل طهارته، والجمهور حملوا الطهارة على الشرعية، وخالفهم داود فقال: المراد إذا لم يكن على رجليه نجاسة. وقد استدل به على أن إكمال الطهارة فيهما شرط حتى لو غسل إحداهما وأدخلها الخف ثم غسل الأخرى وأدخلها الخف لم يجز المسح صرح بذلك النووي وغيره. قال في الفتح: عند الأكثر، وأجاز النووي والكوفيون والمزني ومطرف وابن المنذر وغيرهم أنه يجزئ المسح إذا غسل إحداهما وأدخلها الخف ثم الأخرى لصدق أنه أدخل كلا من رجليه الخف وهي طاهرة، وتعقب بأن الحكم المرتب على التثنية غير الحكم المرتب على الوحدة، واستضعفه ابن دقيق العيد لأن الاحتمال باق، قال: لكن إن ضم إليه دليل على أن الطهارة لا تتبعض اتجه وصرح بأنه لا يمتنع أن يعبر بهذه العبارة عن كون كل واحدة منهما أدخلت طاهرة، قال: بل ربما يدعي أنه طاهر في ذلك فإن الضمير في قوله: أدخلتهما يقتضي تعليق الحكم بكل واحدة منهما، نعم من روى فإني أدخلتهما وهما طاهرتان قد يتمسك بروايته هذا القائل من حيث أن قوله أدخلتهما يقتضي كل واحدة منهما.
فقوله: وهما طاهرتان يصير حالا من كل واحدة فيكون التقدير: أدخلت كل واحدة منهما حال طهارتهما.
وعن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضأ ومسح على خفيه فقلت: يا رسول الله رجليك لم تغسلهما،. قال: إني أدخلتهما وهما طاهرتان رواه أحمد. وعن صفوان بن عسال قال: أمرنا يعني النبي (ص) أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر ثلاثا إذا سافرنا ويوما وليلة إذا أقمنا ولا نخلعهما من غائط ولا بول ولا نوم ولا نخلعهما إلا من جنابة رواه أحمد وابن خزيمة. وقال الخطابي: هو صحيح الاسناد.
الحديث الأول قال في مجمع الزوائد في إسناده رجل لم يسم وقد تقدم الكلام على فقهه. والحديث أخرجه أيضا النسائي والترمذي وابن خزيمة وصححاه، ورواه الشافعي وابن ماجة وابن حبان والدارقطني والبيهقي. وحكى الترمذي عن البخاري أنه حديث حسن ومداره على عاصم بن أبي النجود وهو صدوق سيئ الحفظ وقد تابعه جماعة، ورواه عنه أكثر من أربعين نفسا قاله ابن منده. والحديث يدل على توقيت المسح بالثلاثة الأيام للمسافر واليوم والليلة للمقيم. وقد اختلف الناس في