ذلك كان واجبا عليه خاصة ثم نسخ يوم الفتح بحديث بريدة يعني الذي أخرجه مسلم:
أنه صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد قال: ويحتمل أنه كان يفعله استحبابا ثم خشي أن يظن وجوبه فتركه لبيان الجواز. قال الحافظ: وهذا أقرب، وعلى تقدير الأول فالنسخ كان قبل الفتح بدليل حديث سويد بن النعمان فإنه كان في خيبر وهي قبل الفتح بزمان. قوله: كيف كنتم تصنعون؟ القائل عمرو بن عامر والمراد الصحابة. ولابن ماجة: وكنا نصلي الصلوات كلها بوضوء واحد. والحديث يدل على استحباب الوضوء لكل صلاة وعدم وجوبه.
وعن عبد الله بن حنظلة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا كان أو غير طاهر، فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك عند كل صلاة ووضع عنه الوضوء إلا من حدث، وكان عبد الله بن عمر يرى أن به قوة على ذلك كان يفعله حتى مات رواه أحمد وأبو داود. وروى أبو داود والترمذي بإسناد ضعيف عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من توضأ على طهر كتب الله له به عشر حسنات.
أما الرواية الأولى عن عبد الله بن حنظلة ففي إسنادها محمد بن إسحاق وقد عنعن وفي الاحتجاج به خلاف. وأما الرواية الثانية عن ابن عمر ففي إسنادها الإفريقي عن أبي غطيف ولهذا قال المصنف بإسناد ضعيف، وهكذا قال الترمذي في سننه. والحديث الأول فيه دليل على عدم وجوب الوضوء لكل صلاة وعلى استحبابه لكل صلاة مع الطهارة وقد تقدم الكلام عليه. قوله: عشر حسنات قال ابن رسلان: يشبه أن يكون المراد كتب الله له به عشرة وضوءات فإن أقل ما وعد به من الأضعاف الحسنة بعشر أمثالها وقد وعد بالواحدة سبعمائة ووعد ثوابا بغير حساب.
باب استحباب الطهارة لذكر الله عز وجل والرخصة في تركه عن المهاجر بن قنفذ: أنه سلم علي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى فرغ من وضوئه فرد عليه وقال: إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة رواه أحمد وابن ماجة بنحوه.
الحديث أخرجه أيضا أبو داود والنسائي. وهو يدل على كراهة الذكر للمحدث حدثا أصغر. ولفظ أبي داود وهو يبول ويعارضه ما سيأتي من حديث علي وعائشة، فإن في حديث علي لا يحجزه من القرآن شئ ليس الجنابة فإذا كان الحدث الأصغر لا يمنعه عن قراءة القرآن وهو أفضل الذكر كأن جواز ما عداه من الأذكار بطريق