وأخرجه أيضا البزار وابن الجارود وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني وحسنه الترمذي ونقل عن البخاري تصحيحه. وحسنه أيضا البزار وصححه أيضا ابن السكن، وتوقف فيه النووي لعنعنة ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث في رواية أحمد وغيره، وضعفه ابن عبد البر بأبان بن صالح القرشي، قال الحافظ: ووهم في ذلك فإنه ثقة بالاتفاق. وادعى ابن حزم أنه مجهول فغلط. والحديث استدل به من قال بجواز الاستقبال والاستدبار في الصحارى والعمران وجعله ناسخا وفيه مسلف، إلا أن الاستدلال به أظهر من الاستدلال بحديث ابن عمر، لأن فيه التصريح بتأخره عن النهي ولا تصريح في حديث ابن عمر، ولعدم تقييده بالبنيان كما فحديث ابن عمر، ولعدم ما يدل على أن الرؤية كانت اتفاقية بخلاف حديث ابن عمر، وهو يرد على من قال بجواز الاستدبار فقط، سواء قيده بالبنيان كما ذهب إليه البعض، أو لم يقيده كما ذهب إليه آخرون، وقد سبق ذكرهم في الباب الأول، وبرد أيضا على من قيد جواز الاستقبال والاستدبار بالبنيان لعدم التقييد من جابر، وقد يجاب بأنها حكاية فعل لا عموم لها، فيحتمل أن يكون لعذر وأن يكون في بنيان، هكذا أجاب الحافظ ابن حجر، ذكر ذلك في التلخيص، ولا يخفى أن احتمال أن يكون ذلك الفعل لعذر يقال مثله في حديث ابن عمر، فلا يتم للشافعية ومن معهم الاحتجاج به على تخصيص الجواز بالبنيان، وقد تقدم الكلام على الحديث في الذي قبله وفي الباب الأول.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن ناسا يكرهون أن يستقبلوا القبلة بفروجهم فقال: أو قد فعلوها حولوا مقعدتي قبل القبلة رواه أحمد وابن ماجة.
الحديث قال ابن حزم في المحلى أنه ساقط لأن راويه خالد الحذاء وهو ثقة عن خالد بن أبي الصلت وهو مجهول لا ندري من هو، وأخطأ فيه عبد الرزاق فرواه عن خالد الحذاء عن كثير بن الصلت وهذا أبطل وأبطل، لأن خالدا الحذاء لم يدرك كثير ابن الصلت، ثم لو صح لما كانت فيه حجة لأن نصه صلى الله عليه وآله وسلم يبين أنه إنما كان قبل النهي، لأن من الباطل المحال أن يكون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهاهم عن استقبال القبلة بالبول والغائط ثم ينكر عليهم طاعته في ذلك، هذا ما لا يظنه مسلم ولا ذو عقل، وفي هذا الخبر إنكار ذلك عليهم، فلو صح لكان منسوخا بلا شك، ثم