أعقب النهي بعلة تفيد انتفاء موجبات الرد لأنه باعتبار ذاته خفيف لا يثقل حامله، وباعتبار عرضه طيب لا يتأذى به من يعرض عليه فلم يبق حامل على الرد، فإن ما كان بهذه الصفة محبب إلى كل قلب مطلوب لكل نفس. قوله: المحمل قال القرطبي: هو بفتح الميمين ويعني به الحمل.
وعن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في المسك: هو أطيب طيبكم رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجة. وعن محمد بن علي قال: سألت عائشة رضي الله عنها أكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتطيب؟ قالت: نعم بذكارة الطيب المسك والعنبر رواه النسائي والبخاري في تاريخه.
وأخرجه الترمذي أيضا من حديث عائشة بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتطيب بذكارة الطيب المسك والعنبر ويقول: أطيب الطيب المسك وحديث الباب في إسناده أبو عبيدة بن أبي السفر وفيه مقال واسمه أحمد بن عبد الله. وقولها: بذكارة الطيب الذكارة بالكسر للمعجمة ما يصلح للرجال قاله في النهاية. والمراد الطيب الذي لا لون له لأن طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه. وقولها: المسك والعنبر بدل من ذكارة الطيب. والحديث الأول يدل على أن المسك خير الطيب وأحسنه وهو كذلك. وفي التصريح بأنه أطيب الطيب ترغيب في التطيب به وإيثاره على سائر أنواع الطيب.
وعن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه رواه النسائي والترمذي وقال: حديث حسن.
وقال الترمذي بعد أن ذكر للحديث طريقا أخرى عن الجريري عن أبي نضرة عن الطفاوي عن أبي هريرة: إلا أن الطفاوي لا نعرفه إلا في هذا الحديث ولا يعرف اسمه. وأخرجه أيضا من طريق ثالثة عن عمران بن حصين بلفظ: إن خير طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه، وخير طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه وقال: هذا حديث حسن غريب، وفي رجال إسناده عند النسائي مجهول، ثم بينه في إسناد آخر بأنه الطفاوي وهو أيضا مجهول كما سبق. والحديث يدل على أنه ينبغي للرجال أن يتطيبوا بما له ريح ولا يظهر له لون كالمسك والعنبر والعطر والعود، وأنه يكره لهم