إيراد من استشكل الرواية التي ذكر فيها الجدار قائلا: إن البول يوهي الجدار ففيه إضرار، قال في الفتح: أو نقول إنما بال فوق السباطة لا في أصل الجدار وهو صريح في رواية أبي عوانة في صحيحه وقيل: يحتمل أن يكون علم إذنهم في ذلك بالتصريح أو غيره، أو لكونه مما يتسامح الناس به أو لعلمه بإيثارهم إياه بذلك، أو لكونه يجوز له التصرف في مال أمته دون غيره لأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأموالهم، وهذا وإن كان صحيح المعنى لكنه لم يعهد ذلك من سيرته ومكارم أخلاقه صلى الله عليه وآله وسلم.
قوله: فقال ادنه استدل به على جواز الكلام في حال البول، وفيه أن هذه الرواية قد بينت في رواية البخاري أن قوله ادنه كان بالإشارة لا باللفظ فلا يتم الاستدلال قاله الحافظ. وقد استشكل بأن قرب حذيفة منه بحيث يسمع نداءه ويفهم إشارته مخالف لما عرف من عادته من الابعاد عند قضاء الحاجة عن أعين الناظرين. وقد أجيب عن ذلك بأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان مشغولا بمصالح المسلمين، فلعله طال عليه المجلس حتى احتاج إلى البول فلو أبعد لتضرر. وقيل: فعل ذلك لبيان الجواز. وقيل:
إنه فعل ذلك في البول وهو أخف من الغائط لاحتياجه إلى زيادة تكشف ولما يقترن به من الرائحة وقيل: إن الغرض من الابعاد التستر وهو يحصل بإرخاء الذيل والدنو من الساتر. والحديث يدل على جواز البول من قيام وقد سبق الكلام على ذلك، قال المصنف رحمه الله، ولعله لم يجلس لمانع كان بها أو وجع كان به، وقد روى الخطابي عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بال قائما من جرح كان بمأبضه ويحمل قول عائشة رضي الله عنها على غير حال العذر، والمأبض ما تحت الركبة من كل حيوان، وقد روي عن الشافعي أنه قال: كانت العرب تستشفي لوجع الصلب بالبول قائما، فيرى أنه لعله كان به إذ ذاك وجع الصلب اه. وقد عرفت تضعيف الدارقطني والبيهقي لحديث أبي هريرة في الحديث الأول من هذا الباب.
باب وجوب الاستنجاء بالحجر أو الماء عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزي عنه رواه أحمد والنسائي وأبو داود والدارقطني وقال: إسناده صحيح حسن