وروى مثل ذلك عن عمر والباقون لم يوقتوا. قال ابن حزم: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مسح على العمامة والخمار ولم يوقت ذلك بوقت. وفيه أن الطبراني قد روى من حديث أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كان يمسح على الخفين والعمامة ثلاثا في السفر ويوما وليلة في الحضر لكن في إسناده مروان أبو سلمة. قال ابن أبي حاتم: ليس بالقوي. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال الأزدي: ليس بشئ.
وسئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: ليس بصحيح. استدل القائلون بجواز المسح على العمامة بما ذكره المصنف وذكرناه في هذا الباب من الأحاديث. وذهب الجمهور كما قاله الحافظ في الفتح إلى عدم جواز الاقتصار على مسح العمامة، ونسبه المهدي في البحر إلى الكثير من العلماء. قال الترمذي: وقال غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا يمسح على العمامة إلا أن يمسح برأسه مع العمامة، وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك والشافعي، وإليه ذهب أيضا أبو حنيفة، واحتجوا بأن الله فرض المسح على الرأس، والحديث في العمامة محتمل التأويل فلا يترك المتيقن للمحتمل، والمسح على العمامة ليس بمسح على الرأس، ورد بأنه أجزأ المسح على الشعر ولا يسمى رأسا. (فإن قيل) يسمى رأسا مجازا بعلاقة المجاورة. قيل: والعمامة كذلك بتلك العلاقة فإنه يقال: قبلت رأسه والتقبيل على العمامة. والحاصل أنه قد ثبت المسح على الرأس فقط وعلى العمامة فقط، وعلى الرأس والعمامة، والكل صحيح ثابت، فقصر الاجزاء على بعض ما ورد لغير موجب ليس من دأب المنصفين. قوله: والخمار هو بكسر الخاء المعجمة النصيف، وكل ما ستر شيئا فهو خماره، كذا في القاموس، والمراد به هنا العمامة كما صرح بذلك النووي في شرح مسلم قال: لأنها تخمر الرأس أي تغطيه. ويؤيده الحديث الذي بعد هذا.
وعن سلمان: أنه رأى رجلا قد أحدث وهو يريد أن يخلع خفيه فأمره سلمان أن يمسح على خفيه وعلى عمامته وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح على خفيه وعلى خماره. وعن ثوبان قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الخفين والخمار رواهما أحمد. وعن ثوبان قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرية فأصابهم البرد، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم شكوا إليه ما أصابهم من البرد فأمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين رواه أحمد وأبو داود. العصائب: العمائم، والتساخين: الخفاف.