باب في أن إيصال الماء إلى باطن اللحية الكثة لا يجب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه توضأ فغسل وجهه فأخذ غرفة من ماء فتمضمض بها واستنشق، ثم أخذ غرفة من ماء فجعل بها هكذا أضافها إلى يده الأخرى فغسل بها وجهه، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليسرى، ثم مسح برأسه، ثم أخذ غرفة من ماء فرش بها على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها رجله اليسرى، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتوضأ رواه البخاري.
قوله: فغسل وجهه الفاء تفصيلية لأنها داخلة بين المجمل والمفصل. قوله: فأخذ غرفة هو بيان لقوله: فغسل قال الحافظ: وظاهره أن المضمضة والاستنشاق من جملة غسل الوجه، لكن المراد بالوجه أولا ما هو أعم من المفروض والمسنون بدليل أنه أعاد ذكره ثانيا بعد ذكر المضمضة والاستنشاق بغرفة مستقلة، وفيه دليل الجمع بين المضمضة والاستنشاق بغرفة واحدة، وغسل الوجه باليدين جميعا إذا كان بغرفة واحدة لأن اليد الواحدة قد لا تستوعبه. قوله: أضافها بيان لقوله: فجعل بها هكذا. قوله:
فغسل بها أي الغرفة. وفي رواية بهما أي اليدين. قوله: ثم مسح برأسه لم يذكر له غرفة مستقلة، قال الحافظ: قد يتمسك به من يقول بطهورية الماء المستعمل، لكن في رواية أبي داود: ثم قبض قبضة من الماء ثم نفض يده ثم مسح رأسه زاد النسائي:
وأذنيه مرة واحدة. قوله: فرش أي سكب الماء قليلا قليلا إلى أن صدق عليه مسمى الغسل بدليل قوله: حتى غسلها وفي رواية لأبي داود والحاكم: فرش على رجله اليمنى وفيها النعل ثم مسحها بيديه يد فوق القدم ويد تحت النعل فالمراد بالمسح تسييل الماء حتى يستوعب العضو. وأما قوله: تحت النعل فإن لم يحمل على التجوز عن القدم فهي رواية شاذة وراويها هشام بن سعد لا يحتج بما تفرد به فكيف إذا خالف؟
قاله الحافظ: والحديث ساقه المصنف للاستدلال به على عدم وجوب إيصال الماء إلى باطن اللحية فقال: وقد علم أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان كث اللحية، وأن الغرفة الواحدة وإن عظمت لا تكفي غسل باطن اللحية الكثة مع غسل جميع الوجه فعلم أنه لا يجب. وفيه أنه مضمض واستنشق بماء واحد انتهى. أما الكلام على وجوب