والشافعي من غير فرق بين الآية وما دونها وما فوقها. وذهب أبو حنيفة إلى أنه يجوز له قراءة دون آية إذ ليس بقرآن. وقال المؤيد بالله والامام يحيى وبعض أصحاب أبي حنيفة: يجوز ما فعل لغير التلاوة كيا مريم اقنتي لا لقصد التلاوة. احتج الأولون القائلون بالتحريم بحديث الباب. وحديث ابن عمر الذي سيأتي. وحديث: اقرؤوا القرآن ما لم يصب أحدكم جنابة فإن أصابته فلا ولا حرفا ويجاب عن ذلك بأن حديث الباب ليس فيه ما يدل على التحريم، لأن غايته أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ترك القراءة حال الجنابة، ومثله لا يصلح متمسكا للكراهة فكيف يستدل به على التحريم؟
وأما حديث ابن عمر ففيه مقال سنذكره عند ذكره لا ينتهض معه للاستدلال.
وأما حديث اقرؤوا القرآن الخ فهو غير مرفوع بل موقوف على علي عليه السلام، إلا أنه أخرج أبو يعلى من حديث علي قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضأ ثم قرأ شيئا من القرآن ثم قال: هكذا لمن ليس بجنب، فأما الجنب فلا ولا آية قال الهيثمي: رجاله موثوقون فإن صح هذا صلح للاستدلال به على التحريم. وقد أخرج البخاري عن ابن عباس أنه لم ير في القراءة للجنب بأسا، ويؤيده التمسك بعموم حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. كان يذكر الله على كل أحيانه وبالبراءة الأصلية، حتى يصح ما يصلح لتخصيص هذا العموم وللنقل عن هذا البراءة.
وعن ابن عمر: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة.
الحديث في إسناده إسماعيل بن عياش، وروايته عن الحجازيين ضعيفة وهذا منها، وذكر البزار أنه تفرد به عن موسى بن عقبة، وسبقه إلى نحو ذلك البخاري وتبعهما البيهقي، لكن رواه الدارقطني من حديث المغيرة بن عبد الرحمن عن موسى ومن وجه آخر وفيه مبهم عن أبي معشر وهو ضعيف عن موسى، قال الحافظ: وصحح ابن سيد الناس طريق المغيرة وأخطأ في ذلك فإن فيها عبد الملك بن مسلمة وهو ضعيف، فلو سلم منه لصح إسناده، وإن كان ابن الجوزي ضعفه بمغيرة بن عبد الرحمن فلم يصب في ذلك فإن مغيرة ثقة. وقال أبو حاتم: حديث إسماعيل بن عياش هذا خطأ وإنما هو من قوله ابن عمر. وقال أحمد بن حنبل: هذا باطل أنكر على إسماعيل بن عياش. والحديث يدل على تحريم القراءة على الجنب، وقد عرفت بما ذكرنا أنه لا ينتهض للاحتجاج به